جامع المقاصد فی شرح القواعد-ج1-ص263
[ وفي وجوب الغسل لنفسه أو لغيره خلاف .
]الأصحاب ، ولا يتوهم دلالة شئ من أصول المذهب عليه ، وإنما الذي يكفي المكلف أن يقارن بالنية شيئا من البدن ، ثم يتبعه بالباقي منغمسا في الماء ، ثم تخلل ما لا بد من تخليله .
قوله : ( وفي وجوب الغسل لنفسه أو لغيره خلاف ) .
طال التشاجر بين متأخري الأصحاب في أن غسل الجنابة هل هو واجب لنفسه ، بمعنى أن حصول الجنابة كاف في وجوبه ، أم وجوبه كغيره من الطهارات يتوقف على وجوب الغاية التي تطلب لأجلها ؟ فقال المصنف ( 1 ) وجماعة ( 2 ) : بالوجوب ، وقال المحقق ( 3 ) وجماعة ( 4 ) : بالثاني .
والذي يقتضيه النظر ، أن الطهارة لم تطلب عند الشارع إلا للعبادة المشروطة بها ، كما ترشد إليه الآية في تصديرها بقوله جل اسمه : ( إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا) ( 5 ) .
ويشهد له إطباق الأصحاب على ذلك في باقي الطهارات ، وقطع النظر عن جميع النظائر بمجرد الحجج المحتملة بعيد عن انظار الفقهاء ، ومن ثم قال المحقق في المسائل المصرية : إخراج غسل الجنابة من دون ذلك تحكم بارد .
ومما يؤيد ذلك ، أن تضيق وجوب الغسل وتوسعته دائر مع تضيق وقت تلك الغايات وتوسعته ، فإنه يشعر بأن وجوبها هومنشأ وجوبه .
وأما الدلائل من الجانبين ، فمرجعها من جانب أصحاب القول الأول إلى تعليق الأمر بالغسل على حصول الجنابة ، في مثل قوله عليه السلام : ( إنما الماء من الماء ) ( 6 ) ، وقوله عليه السلام : ( إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل ) ( 7 ) ، وقوله تعالى : ( وإن
( 1 ) مختلف الشيعة : 29 ، منتهى المطلب 1 : 93 .
( 2 ) منهم : ابن حمزة في الوسيلة : 43 ، وولد المصنف في إيضاح الفوائد 1 : 47 .
( 3 ) المعتبر 1 : 177 ، شرائع الاسلام 1 : 11 .
( 4 ) منهم : الشيخ في المبسوط 1 : 4 ، وابن إدريس في السرائر : 6 .
( 5 ) المائدة : 6 .
( 6 ) صحيح مسلم 1 : 269 حديث 80 – 81 ، سنن ابن ماجة 1 : 199 باب 110 ، سنن أبي داود 1 : 55 باب 83 .
( 7 ) الكافي 3 : 46 حديث 2 ، التهذيب 1 : 118 حديث 311 ، الاستبصار 1 : 108 حديث 359 .