جامع المقاصد فی شرح القواعد-ج1-ص31
وكان لعلماء جبل عامل السهم الاوفر في هذا المضمار ، فقد هاجروا إلى إيران ، وتولوا أمور الدولة ، وسيروا عجلتها بما يذكر لهم في التاريخ بمداد من نور .
وكانت بلدة الشيخ – رحمه الله – تعج بالعلماء ، فقد كان فيها أكثر من ثلاثين عالما ، درسوا في بلدتهم ، ونالوا درجة عالية في العلم ، وضاقت الكرك عن طموحاتهم ، وصادف ظهور الدولة الصفوية فهاجروا إلى ايران .
وفوض الشاه الصفوي إليهم تنظيم شؤون الدولة حسبما يقتضيه الشرع الحنيف ، وشغل علماء جبل عامل في الدولة الصفوية مناصب حساسة مهمة منها : الأمير ، وشيخ الاسلام في أصفهان ، ونائب الإمام ، والمفتي ، ومروج المذهب ، وشيخ الاسلام في طهران .
وكان الشيخ الكركي رحمه الله على رأس المهاجرين إلى إيران في أول نشوء الدولة ونجاح الشاه إسماعيل في الاستيلاء على مقاليد الحكم ، فولاه الشاهمنصب شيخ الاسلام في أصفهان .
وانطلاقا من مبدأ الكلمة والمعرفة أسس المدارس لتخريج الكوادر المسؤولة عن نشر المذهب الامامي بين الناس ، وكتب إلى علماء الكرك وجبل عامل وحثهم على النهوض إليه للجهاد في نشر الدين الحنيف .
ولما توافر لديه عدد من رجال الدين المخلصين أخذ يوجه النشاط الديني في إيران كلها ، من خلال مجموعة علماء مؤمنة ومدربة على العمل الاجتماعي والسياسي ، وعين في كل بلد وقرية إماما يعلم الناس شرائع الاسلام ، ويؤمهم في الصلاة ، ثم نصب نفسه لتعليم كبار رجال الدولة أمثال الأمير جعفر النيسابوري وزير الشاه ، وقدم له الرسالة الجعفرية ، وأمده الشاه إسماعيل بسبعين ألف دينار شرعي سنويا ليصرفها على المدارس ( 1 ) ، وتخريج العلماء قادة الأمة ، لأنهم أقدر على إقامة العدل وسياسة الناس ، ولما تولى الشاه طهماسب سنة 930 ه ، قرب المحقق الكركي ، ومنحه
( 1 ) روضات الجنات 4 : 363 ، وتاريخ كرك نوح ص 90 .