جامع المقاصد فی شرح القواعد-ج1-ص17
الحديث ، وقد تمكن باستدلالاته العلمية القوية ، وتفريعاته على أمهات المسائل الفقهية من تأليف كتاب ( المبسوط ) وكتاب ( الخلاف ) ، والكتابان ذوا محتوى علمي جبار ، يعكس مدى مستوى الفكر الشيعي آنذاك .
وكان الشيخ الطوسي أول من عالج الفقه الاستدلالي مشروحا مبسطا في كتابه ( المبسوط ) وقد كتب في مقدمة كتابه أن الامامية لم يكونوا يفرعون الفروع إلى زمانه ، وكانوا يقفون عند النصوص التي وصلت إليهم من المتقدمين من المحدثين .
ولقد اعتمد الشيخ على الاجماعات كثيرا ، وذلك عند إعواز النصوص وعدم وجود دليل ، معتقدا أن إجماع الطائفة يوحي بوجود قول في الأمر ، فخطا الفقه والبحث المنهجي خطوات نحو الإمام في هذه المرحلة الجديدة ، فدخل دورا آخر بعد أن ترك أدوارا خاض غمارها في ثلاثة قرون .
وقد أوجب الشيخ الطوسي في كتاب ( العدة ) العمل بالخبر من طريق المخالفين إذا لم يكن للشيعة في حكمه خبر مخالف ، ولا يعرف لهم فيه قول كيفوقد عملت الشيعة بما رواه حفص بن غياث العامي الكوفي القاضي وغيره من غير الشيعة .
وأنهم يأخذون بالاجماع إذا كان كاشفا كشفا قطعيا عن سنة الرسول ( صلى الله عليه وآله ) وقد ملئت كتبهم الفقهية من الاستدلال به ، ككتب الشيخ والسيد المرتضى والعلامة وغيرهم ، حتى أن بعض علماء الشيعة يعمل بالاجماع الذي ينقله مالك عن أهل المدينة في موطئه ، لكشفه عن رأي المعصوم عنده ، ويعمل الشيعة بالرأي إن كشف عن الحكم الشرعي كشفا قطعيا لا ظنيا لعدم حجية الظن ( 1 ) .
وألف الشيخ كتاب ( النهاية ) الذي كان محور الدراسات الحوزوية لعدة قرون .
وكان فقه شيخ الطائفة – بما فيه من تطور ملحوظ ودقة متناهية وتطور في
( 1 ) أدوار علم الفقه : 62 .