جامع المقاصد فی شرح القواعد-ج1-ص14
وكان ابن أبي عقيل لا يرى حجية خبر الواحد ، وكانت فتاواه تعتمد على الأمور المسلمة في القرآن والحديث ، ولم يعتمد إلا على الأحاديث التي لا شك ولا شبهة فيها ، والتي هي قوية محكمة ، وكانت آراء ابن أبي عقيل مورد تقدير واحترام العلماء الاعلام .
وأما ابن الجنيد فقد كان يرى حجية الأحاديث المذهبية ، الغير القطعية .
ولأجل الدفاع عن نفسه أمام هجمات علماء زمانه ألف كتبا عديده منها ( كشف التمويه والإلباس على إغمار الشيعة في أمر القياس ) و ( إظهار ما سرهأهل العناد من الرواية عن أئمة العترة في أمر الاجتهاد ) وهو أثر بين في كيفية استدلاله في الفقه ، وكتابه ( المسائل المصرية ) أثر بين في طريقته الفقهية .
وقد ظهر نتيجة لاختلاف مسلك المحدثين ، ومسلك القديمين في الفقه ، مسلك ضعيف لم يستمر طويلا ، وهو مسلك يعتمد الظاهر في الأحكام الفقهية ، ومن أهم القائمين به أبو الحسين الناشي علي بن عبد الله بن وصيف ، المتوفى 366 ه ، وقد انقرض ولم يبق منه أثر في الفقه الشيعي .
3 – علماء جمعوا بين المباني العقلية والحديث في استنباط الأحكام الشرعية ، ومن أعلامهم : أ – الشيخ المفيد المتوفى سنة 413 .
كان مجددا في الفقه والكلام بلا شك وقد استطاع أن يفرض وجود مدرسة أهل البيت عليهم السلام على الأجواء العلمية المتحكمة آنذاك في بغداد .
قال اليافعي في مرآة الجنان : عالم الشيعة ، وإمام الرافضة ، صاحب التصانيف الكثيرة ، المعروف بالمفيد ، وبابن المعلم أيضا ، البارع في الكلام والجدل والفقه ، وكان ينازع كل عقيدة بالجلالة والعظمة ، ومقدما في الدولة البويهية ،وكان كثير الصدقات عظيم الخشوع وكثير الصلاة والصوم حسن اللباس ( 1 ) .
وقد تمكن المفيد من أن يكهرب الجو بندواته العلمية ، ويوجه إليه الانظار وتطلع إليه الأفئدة تروم الارتشاف من ينابيع علمه ، وتجتذب نحوه القلوب
( 1 ) مرآة الجنان 3 : 28 .