جامع المقاصد فی شرح القواعد-ج1-ص10
التنسيق ما بين هذه الأحكام والمبادي العامة التي يقوم عليها التشريع المدني فيجملته ، فلا يجوز الأخذ في الفقه الاسلامي يتعارض مع مبدأ من هذه المبادئ ، حتى لا يفقد التقنين المدني تجانسه وانسجامه ، وفيما قدمناه من الرخصة في الأخذ بمذاهب الفقه جمعا – دون تمييز بين مذهب ومذهب – ما يجعل تحقيق هذا التنسيق ميسورا فلا يضل الباحث في تفصيلات الفقه الاسلامي ولا يختار منها إلا ما يتسق مع المبادئ العامة للتشريع المدني ) ( 1 ) .
يقول هذا متناسيا قوله : ( فمن المبادئ العامة التي أخذ بها النزعة الموضوعية التي نراها تتخلل كثيرا من نصوصه .
وهذه هي نزعة الفقه الاسلامي والقوانين الجرمانية ، آثرها التقنين الجديد على النزعة الذاتية التي هي طابع القوانين اللاتينية وجعل الفقه الاسلامي عمدته في الترجيح .
ومن هذه المبادئ أيضا نظرية التعسف في استعمال الحق ) .
( ومن الأحكام التي استحدثها التقنين الجديد مسائل تفصيلية اقتبسها من الفقه الاسلامي ، ومن هذه المسائل الأحكام الخاصة بمجلس العقد ، وبإيجار الوقف ، وبالحكر ، وبإيجار الأراضي الزراعية ، وبهلاك الزرع في العين المؤجرة ، وبانقضاء الايجار بموت المستأجر ، وفسخه للعذر ، وبوقوع الابراء من الدين بإرادةالدائن وحده ) ( 2 ) .
هذا ، وللقانون الوضعي مصادر متعددة – كما يقول البدراوي – هي في الغالب : التشريع والعرف والشريعة الاسلامية ومبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة ( 3 ) .
وقد أفاض أساطين علماء القانون الوضعي في مدح الفقه الاسلامي والاشادة به ، ووصلوا إلى أن القوانين الصالحة التي سنها علماء القانون هي من وحي فكر علماء الاسلام وجهابذته إلا ما خرج عن نطاق السلام بإباحة ما حرمه الله أو تحريم ما أباحه الله .
( 1 ) الوسيط 1 : 49 ، 50 ( 2 ) الوسيط 1 : 47 .
( 3 ) المدخل للعلوم القانونية : 58 .