جامع المقاصد فی شرح القواعد-ج1-ص8
فهناك مسائل ذات خطر كبير نبتت في العهود الأخيرة ، ونمت وازدهرت فاحتوتها تقنينات القرن العشرين ، ولا نجد لها أثرا في التقنين الفرنسي وقد ولد في فجر القرن التاسع عشر ، ولا في تقنيننا المدني – أي المصري – الذي أخذ عنه فمبدأ التعسف في استعمال الحق ، ونظرية الاستغلال ، ونظام المؤسسات ، وتنظيم الملكية في الشيوع وعقود التزام المرافق العامة ، وعقد التأمين ، وحوالة الدين ، والاعسار المدني ، كل هذه المسائل الخطيرة لا نعثر على نص واحد فيها لا في التقنين الأصل ، ولا في التقنين المقلد ، وحتى فيما احتواه هذان التقنينان من النظريات والأحكام نرى الكثير منها ناقصا مبتورا ) ( 1 ) .
ثم يستطرد قائلا : ( تقرر تنقيح القانون الفرنسي وشكلت لهذا الغرض في سنة 1945 لجنة من كبار رجال القانون في فرنسا وعلى رأسهم عميد كلية الحقوق بجامعة باريس الاستاذ جوليودي لامورانديير ) ( 2 ) .
وقد بحث هنا بحثا مفصلا عن العيوب الشكلية للتقنين المدني القديم .
هذا ولم تقتصر التعديل والتصحيح على القانون الفرنسي وحده بل انظر إلى القانون الإيطالي والسويسري اللذين تحدث السنهوري عن تبدلهما بتبدل الزمان قائلا : ( المشروع الفرنسي الإيطالي أكسب التقنينات اللاتينية العتيقة جدة لم تكن لها ، ونفخ فيها روح العصر ، وجمع بين البساطة والوضوح مع شئ كثير من الدقة والتجديد ، على أن المشروع يكاد يكون محافظا إذا قيس إلى التقنينات العالمية الأخرى .
والتقنين الالماني يعد أضخم تقنين صدر في العصر الحديث ، وهو خلاصة النظريات العلمية الألمانية مدى قرن كامل ، ويبز من الناحية الفقهية أي تقنين آخر ، فقد اتبع طريقة تعد من أدق الطرق العلمية وأقربها إلى المنطق القانوني ،
( 1 ) الوسيط 1 : 4 .
( 2 ) الوسيط 1 : 5 .