الدروس الشرعیة فی فقه الامامیة-ج1-ص74
المالكي ، وقال له : ” تحكم برأيك ) وهدده بالعزل ، فعقد مجلسا للقضاة حضره الملك والقضاة وجمع كبير من الناس ، و ( الشهيد ) رحمه الله ، فوجهت إليه التهم فأنكر ذلك ، فلم يقبل منه الانكار .
وقيل له : قد ثبت ذلك عليك شرعا ولا ينتقض حكم الحاكم .
فقال الشهيد رحمه الله : الغائب على حجته .
فإن أتى بما يناقض الحكم جاز نقضه ، وإلا فلا ، وها أنا أبطل شهادات من شهد بالجرح ولي على كل واحد حجة بينة .
وهو كلام معقول ، إلا أن ذلك لم يسمع منه ، وعاد الحكم إلى المالكي فقام وتوضأ وصلى ركعتين ، ثم قال : قد حكمت بإهراق دمه .
وإذا كنا نحن نفهم أن الاغراض والمصالح الشخصية قد تبرز لابن جماعة ولبيدمر ، وغيرهما أن يقضوا على ( الشهيد ) ويقتلوه فلا نفهم مغزى هذه المعاملةالتي عومل بها الشهيد بعد وفاته .
فلم يكن الغرض هو القضاء على ( الشهيد ) فقط ، وإلا كان الشهيد قد لقي حتفه بالضربة الأولى من السيف وإنما كان الغرض هو إهانة ( الشهيد ) بعد وفاته ، والحط من مكانته حتى بعد موته ، ويجب أن يبلغ الانسان الغاية من الوضاعة ، والانحطاط الخلقي ، والاسفاف والحقد حتى يستشفي بإهانة قتيل قد أزيح عن ميدان المعارضة .
فقد قتل ( الشهيد ) بدمشق ، ثم أمر بصلبه وهو مقتول بمرأى من الناس ، ويحيطه جماعات من الجلاوزة للمحافظة على جثته من أن يستولي عليه مخلصوه ومريدوه لدفنه ، ثم يلم يجد هؤلاء الحاقدون الوضيعون في ذلك شفاءا لغليلهم فأمروا برجم الجسد بالحجر .
فرجمه جلاوزة ( بيدمر ) و ( ابن جماعة ) .
ويظهر أن ذلك كله لم يطفئ الحقد الموغل في نفوسهم القذرة فأمروا بحرق الجسد .