الدروس الشرعیة فی فقه الامامیة-ج1-ص63
واجه ( الشهيد ) في حياته أيام كان يسكن ( دمشق ) مثل هذه الظروف العقائدية ، والسياسية المرتبكة وكان أكثر ما يخشاه ( الشهيد ) أن يكون هذا الاضطراب مبعثا لظهور بدع جديدة في الدين ، واتساع فجوة الخلاف بين ( السنة والشيعة ) فظهور الانشقاق في الطائفة عن طريق تسرب عناصر غريبة على كيان الطائفة لاحداث البلبلة والانشقاق داخل الكيان الشيعي .
وربما كان ذلك من أسباب اختيار ( الشهيد ) لدمشق موطنا لنفسه ليكون قريبا من الحركات الفكرية والسياسية ، وليشرف على الوضع من قريب ، فارتبط بكثير من أقطاب العلم والسياسة في وقته ، وفسح من مجلس درسه وندوته اليومية في البيت ، ليحضره أكبر عدد من العلماء والساسة .
ففي هذه الظروف ، ورغم احتياطات ( الشهيد ) ظهر في جبل عامل شخص يسمى بمحمد الجالوش ، أول ( اليالوش ) ، ويقال : إنه كان من تلامذة الشهيد .
ومن الشيعة من قبل ، يدعو إلى مذهب جديد ويستغل الوضع في توسيع فجوة الخلاف بين ( السنة والشيعة ) وإيجاد فجوة في الطائفة ذاتها .
ولا تحدثنا كتب التاريخ عن شكل هذه الدعوة الجديدة ومحتواها وعن الشخص والمدعو بالجالوش ، أو اليالوش غير ما سمعت ، ومع كثرة ما فحصنا في كتب التاريخ والتراجم التي تترجم رجال القرن الثامن الهجري لم نعثر على شخص بهذا الاسم ، ولم نعثر على شرح أكثر عن هذه الدعوة .
إلا أن الذي يغلب على الظن أن الدعوة كانت مطبوع بطابع ( التصوف ) والايمان بوحدة الوجود ، ويبدو أن ( الجالوش ) كان خطيبا متكلما لذقا ، حلو البيان مشعوذا ، استطاع أن يشد إلى دعوته الجديدة ناسا من السذج من ( الشيعة والسنة ) فأربك الوضع ( الشهيد ) وخاف أن تشيع هذه البدعة الجديدة ، ويتسع إطارها ، ويكون خطرا جديدا على كيان الأمة ، وفجوة جديدة في جسم