الدروس الشرعیة فی فقه الامامیة-ج1-ص57
وقدر للشهيد أن يكون لنفسه في الشام مكانة اجتماعية ، وفكرية كبيرة ، ويفرض نفسه على مجتمع ( دمشق ) بشكل خاص ، ومجتمع سوريا بشكل عام ،وأن ينفذ إلى جهاز الحكم كما سنجد ويستغله لغاياته الإصلاحية .
كان الشهيد في دمشق على اتصال دائم بالحكام والأمراء والشخصيات السياسية البارزة في وقته .
ونعرف ذلك من إقناع ( الشهيد ) الحكومة لمحاربة ( اليالوش ) المتنبي الذي سنبحث عنه فيما يأتي من هذه الرسالة وكان بيته ندوة عامرة لأصحاب الفضل والعلم ، وطلاب المعرفة ، وعلماء دمشق والاقطار المجاورة الذين كانوا يزورون دمشق بين حين وحين أو يمرون عليها ، فكان لا يخلو بيته على الدوام من الزوار من أصحاب الفضل ، وأصحاب الحاجة الذين كانوا يقصدون ( الشهيد ) للتوسط لتيسير حاجاتهم لدى المراجع الحكومية .
وعلى الرغم من توتر العلاقات بين ( الشيعة والسنة ) فقد كان ( الشهيد ) يحتل مكانة عملية مرموقة بين ( علماء السنة ) فكانوا يحضرون مجلسه في بيته للاستفادة .
وللمناقشة ، ولحل مشكلات الفقه والكلام في كثير من الاحيان .
ومن حرص ( الشهيد على توحيد الكلمة كان يتجنب في مجلسه الخوض في مسائل الخلاف بين ( الشيعة والسنة ) وإثارة الخلافات الكلامية فيما بينهم على صعيد الجدل ، فكان يخفي ما كان بيده من كتابة حين كان يزوره أعلام السنة في مجلسه ، حتى أنه عد من كراماته أنه حينما ابتدأ بكتابه ( اللمعة الدمشقية ) لم يمر عليه زائر من علماء السنة ووجهاء دمشق إلى أن تمت كتابة هذه الرسالة في سبعة أيام .
وهذه الرواية تدل على حرص ( الشهيد ) أولا على عدم إثارة المسائل الخلافية ، والمحافظة على وحدة الكلمة بين المسلمين في ظروف اجتماعية مضطربة التي لمحنا منها بعض الملامح فيما تقدم من هذا الحديث .
وتدل ثانيا على أن بيت ( الشهيد ) كان آهلا بمختلف الطبقات من علماء ،