الدروس الشرعیة فی فقه الامامیة-ج1-ص11
تامة بآرائها وأفكارها ، كما كان على صلة وثيقة ، ومعرفة تامة بمشيخة الرواية والفقه والكلام عن أعلام السنة ، مما يدل على أنه في أسفاره كان يخالط كثيرا من ( أقطاب المذاهب الاسلامية ) الأخرى ، ولم يكن ممن ينطوي فكريا على نفسه .
ويدل على ذلك قوله في إجازته لابن الخازن : وأما مصنفات العامة ومروياتهم فإني أروي عن نحو أربعين شيخا من علمائهم بمكة والمدينة ، ودار السلام بغداد ، ومصر ودمشق وبيت المقدس ، ومقام إبراهيم الخليل .
فرويت صحيح البخاري عن جماعة كثيرة بسندهم إلى البخاري .
وكذا صحيح مسلم ، ومسند أبي داود ، وجامع الترمذي ، ومسند أحمد ، وموطأ مالك ، ومسند الدار قطني ، ومسند ابن ماجة ، والمستدرك على الصحيحين للحاكم ابن عبد الله النيسابوري ، إلى غير ذلك .
وهذا النص يعيننا كثيرا على معرفة شخصية الشهيد العلمية .
فقد يظهر أنه سافر إلى كثير من ( مراكز الفكر الاسلامي السني ) كبغداد ومصر والقدس والحرمين ، وغيرها ، ولم يمنعه اختلافه الفكري مع المدرسة السنية أن يحشر نفسه فيهم ، ويتلقى منهم ، ويلقي إليهم ويتفاعل معهم .
ولم تكن رحلاته المتكررة والطويلة إلى هذه الاقطار لغرض السياحة أو التجارة ، أو الترويح عن النفس ، وإنما كان لغرض فكري خالص فكان كثير التردد على مجالس السنة وحلقاتهم ، وكثير المطالعة لكتبهم ووثيق الاتصال بشيوخهم .
ويشعرنا النص ثانيا أنه تلقى من ( مشايخ السنة ) أمهات الكتب الحديثية والفقهية التي يتعاطاها أئمة السنة : من الصحاح ، والمسانيد والسنن ، وغيرها .
وهذا يدل على أن ( الشهيد الأول رحمه الله ) كان يملك عقلية ناضجة