مختلف الشیعة فی أحکام الشریعة-ج9-ص363
وقال ابن ادريس في العين العوراء الدية كاملة إذا كانت خلقة أو قد ذهبت بآفة من جهة الله تعالى، فان كانت قد ذهبت وأخذ ديتها أو استحق الدية، وإن لم يأخذها كان فيها ثلث الدية، وهو اختيار شيخنا أبي جعفر في مبسوطه ومسائل خلافه، وذهب في نهايته إلى أن فيها نصف الدية.
والاول الذي اخترناه هو الاظهر الذي يقتضيه اصول مذهبنا، ولان الاصل براءة الذمة فيما زاد على الثلث، فمن ادعى عليه زيادة يحتاج الى دليل، ولا دليل عليه منكتاب ولا سنة ولا اجماع، ولا يرجع في مثل ذلك إلى أخبار الاحاد (1).
وفي هذا النقل نظر، فان الشيخ قال في الخلاف: إذا قلع عين أعور أو من ذهبت عينه بآفة من الله تعالى كان بالخيار بين أن يقتص من إحدى عينيه أو يأخذ تمام دية كاملة ألف دينار، فان كانت قلعت فأخذ ديتها أو استحقها، وإن لم يأخذها فليس له إلا نصف الدية (2).
وقال في المبسوط: في عين الاعور إذا كانت خلقة الدية كاملة، أو يأخذ إحدى عيني الجاني ونصف الدية، وإن كانت قلعت فاستحق ديتها، أو اقتص منها كان فيها نصف الدية (3).
فهذا ما قاله الشيخ في الكتابين، ولعل الخطأ نشأ لابن ادريس من دية العين إذا خسف بها بعد ذهاب ضوئها فانه ثلث دية العين، أما العين الصحيحة إذا فقئت فان فيها نصف الدية اجماعا، وأوجبنا الدية الكاملة في صحيحة الاعور خلقة، لاجماع علمائنا، وإذا كان العور غير خلقة صرنا الى الحكم المجمع عليه أولا وهو وجوب نصف الدية، وقول ابن ادريس خطأ لا دليل عليه.
(1) السرائر: ج 3 ص 380.
(2) الخلاف: ج 5 ص 251 المسألة 57.
(3) المبسوط: ج 7 ص 146.