پایگاه تخصصی فقه هنر

الخلاف-ج6-ص250

وقوله تعالى: ” واشهدوا إذا تبايعتم ” (1) محمول على الاستحباب دون الوجوب، بدليل ما قدمناه.

ولأنه تعالى قال: ” وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة ” (2) فالبيع الذي أمرنا بالاشهاد عليه هو البيع الذي أمرنا بأخذ الرهن به عند عدم الشهادة، فلو كانت واجبة ما تركها بالوثيقة.

وأيضا قال: ” فان آمن بعضكم بعضا فليؤد الذي ائتمن أمانته ” (3) فثبت أنه غير واجب، إذا لو كان واجبا لما جاز تركه بالأمانة.

وأيضا روي عن النبي عليه السلام: انه ابتاع من أعرابي فرسا، فاستتبعه ليقبضه الثمن، فلما رآه المشركون صفقوا وطلبوه بأكثر، فصاح الأعرابي ابتعه ان كنت تريد ان تبتاعه، فقال النبي عليه السلام: قد ابتعته، فقال: لا، من يشهد لك بذلك؟ فقال خزيمة بن ثابت (4): أنا أشهد، فقال النبي: بم تشهد ولم تحضر، فقال: بتصديقك.

وفي بعضها: ” نصدقك على أخبار السماء ولا نصدقك على أخبار الأرض ” (5) فلو كان واجبا ما تركه رسول الله صلى الله عليه وآله على البيع.

وأيضا: الآية متروكة الظاهر، لأنه أمر بالاشهاد بعد وجود البيع،

(1) البقرة: 282.

(2) البقرة: 283.

(3) البقرة: 283.

(4) خزيمة بن ثابت بن الفاكه بن ثعلبة بن ساعدة الأنصاري، ذو الشهادتين، لقبه النبي صلى الله عليه وآله بهذا اللقب على ما روي في هذه الحادثة، شهد بدرا وما بعدها، قتل بصفين سنة سبع وثلاثين للهجرة.

اسد الغابة 2: 414.

(5) رواه النسائي في سننه 7: 301 و 302، وأحمد بن حنبل في مسنده 5: 215 و 216، والطحاوي في شرح معاني الآثار 4: 146، والمتقي الهندي في كنز العمال 13: 379 – 380 حديث 37036 – 37039 باختلاف في اللفظ فلاحظ.