الخلاف-ج4-ص72
الرواية، ومع هذا فهي معارضة لظاهر القرآن.
وأما ما تعلقوا به من قوله تعالى: (وإني خفت الموالي) (1) فانما هي تأويل على خلاف الظاهر، وذلك أنه لم يك له بنو العم فيرثوه بسبب ذوي الارحام لا بسبب العصبة، لأنه لو لم يكن بنو العم، وكان بدلهم بنات العم لورثنه بسبب ذوي الارحام، فليس في هذا ما يدل على العصبة.
وأما قولهم: إنه سأل وليا ولم يسأل ولية فانما ذلك لأن الخلق كلهم يرغبون في البنين دون البنات، فهو – عليه السلام – إنما سأل ما عليه طبع البشر، ولو كان يعلم أنه لو ولد له انثى لم يكن يرث العصبة البعدى مع الولد الأقرب، لكن رغب فيما يرغب الناس كلهم فيه.
على أن الآية دالة على أن العصبة لا ترث مع الولد الانثى، لقوله تعالى: (وكانت امرأتي عاقرا) ) (2) والعاقر: هي التي لا تلد، فلو لم تكن امرأته عاقرا وكانت تلد، لم يخف الموالي من ورائه، لأنها متى ولدت ولدا كان ذكرا أو انثى ارتفع عقرها، وأحرز الولد الميراث.
ففي الآية دلالة واضحة على أن العصبة لا ترث مع احد من الولد، ذكرا كان أو انثى.
على أنا لا نسلم أن زكريا سأل الذكر دون الانثى، بل الظاهر يقتضي أنه طلب الانثى كما طلب الذكر.
ألا ترى الى قوله تعالى: (وكفلها زكريا كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة انك سميع الدعاء) (3) فانما طلب زكريا حين رأى مريم على حالها أن يرزقه الله تعالى مثل مريم لما رأى من منزلتها عند الله، فرغب الى الله في مثلها، وطلب الى
(1) و (2) مريم: 5.
(3) آل عمران: 37 و 38.