اجوبهُ المسایل الشرعیّه-ج1-ص566
يخشى شيئاً دون مبرر أو يهرب من حدث دون توجيه ويمارس دوراً سلبياً في مختلف شؤون الحياة؛ فهذه الخشية مذمومة قطعاً وعبثية ومدعاة لتخلف الإنسان. ونعود الآن إلى خشية اللَّه:
قال تعالى:(»وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى – فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى»(1)( ، فقد ورد في هذه الآية خوف مقام اللَّه بدلاً من خوف اللَّه، ولنرى الآن ما المرادبالخوف من مقام اللَّه؟
إنّ المراد هو الخوف من عدالته وقسطه؛ وهل عدالة اللَّه مخيفة؟ جواب هذا السؤال واضح فمن كان حسابه طاهراً لا يخاف عدل اللَّه، وأما من كانت صحيفة أعماله مظلمة فهويخاف عدل اللَّه طبعاً، فاللَّه لو حمل الآثمين على عدله لأذاقهم أليم العقاب بما قدموا من أعمال، أوَلا يدعو هذا إلى الخوف والرهبة؟
وعليه فالخوف من مقام اللَّه هو الخوف من عدله – الخوف من الذنب والمعصية – وهذا ماينبغي أن يخشاه الإنسان، فهذا هو المطلوب من خشية اللَّه. وقد أشار أميرالمؤمنين عليه السلام إلىهذه الحقيقة فقال: D «ولا يخافن إلّاذنبه»(2) . F ++
وربّما يقال إنّ خوف اللَّه معناه خوف الذنب، فما بال الأئمّة المعصومين عليهم السلام وأولياء اللَّه على هذه الدرجة من الخوف رغم عصمتهم ومجانبتهم للذنب؟ والجواب أنّ خوف هؤلاء من ترك الأولى الذي لا يعد من الذنوب؛ فالمتوقع منهم عدم القيام بذلك، والمرجو منهم غير المرجو من غيرهم، فلربّما ما كان مباحاً لغيرهم ولعله يعد عبادة، يعتبر مثلبة من أولئك الذين بلغوا مواقع القرب والمقامات الرفيعة!
(1) سورة النازعات، الآية 40 و 41.
(2) نهج البلاغة، الكلمات القصار، الكلمة 82.