اجوبهُ المسایل الشرعیّه-ج1-ص554
والهدف من هذه الإستخارة ليس رفع الشك والريبة، بل سؤال اللَّه التوفيق إلى الخير بعداتخاذ التدابير الصحيحة. ولا أحد من الموحدين يسعه إنكار تأثير الإرادة الإلهيّة في جميع الأمور. وهذا التوجه يمنح المؤمن نشاطاً وحيوية لمقاومة الصعاب والمشاكل.
ثانياً: ليس الأمر كما ورد في السؤال بشأن الإستخارة من أنّ الإنسان يفوض أموره لمسبحة، بل هنالك أمور ينبغي مراعاتها قبل الإستخارة:
لقد من اللَّه على عباده بنعمة العقل الذي يمكنه تشخيص عاقبة العمل من حيث النفع والضرر، ولا حاجة له في مثل هذه الموارد إلىالإستخارة بالقرآن والمسبحة.
أولى الإسلام مسألة الاستشارة أهميّة فائقة حتى عدها علامةالإيمان
« وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُم»(1)
كما أمر اللَّه تعالى رسوله باستشارة الآخرين في الأعمال المهمة
« وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ»(2)
وفي هذه الحالة إن طرح بعض الأفراد من ذوي الخبرة رأيا جازما بشأن عمل، فليس هنالك من حاجة للإستشارة. ولا تبدو هنالك حاجةإلى الإستخارة حين يكون هنالك رأي ضعيف من قبل الأفراد من ذوي التجربة.
أمّا أن تعذر حسم الأمر من خلال العقل والاستشارة فلربّما يعيش الإنسان حالة من القلق والترديد، والفائدة الأولى للإستخارة بالقرآن أو المسبحة إزالة ذلك القلق ومنحه الهدوء والاستقرار، وبالتالي فهو يسأل اللَّه بهذه الإستخارة هدايته إلى الخير والفلاح، فقدغلقت جميع الأبواب بوجه العبد ولا يمتلك سوى الإخلاص في التوجه إلى اللَّه، فما المانع أن يأخذ بيده اللَّه ويريه سبيل الخير والصلاح؟
ولنفترض أنّ هذا الشخص القلق لم يستخر فهل يسعه القيام بفعل أم تركه؟ قطعاً لا،وبالتالي يفعل ذلك العمل أم لا. فما أحراه هنا أن يتوجه إلى اللَّه بقلبه ويستخيره على القيام بذلك الفعل أو تركه. قطعاً سيندفع بقوة على ضوء الإستخارة وهذا ما يلعب دوراً مهماً في موفقيته ونجاحه.
(1) سورة الشورى، الآية 38.
(2) سورة آل عمران، الآية 159 .