اجوبهُ المسایل الشرعیّه-ج1-ص504
كان المسلمون الأوائل مضحّين بالمعنى الحقيقي لهذه الكلمة، فكانت التعاليم الإسلاميةلديهم أولى من الأخ والمرأة والمقام والثروة والمنصب، فكانوا يؤثرونها على مصالحهم المادية، ويشهد على ذلك التاريخ الإسلامي وما تخلله من حروب، إلّاأنّ الدين أصبح هامشياً اليوم لدى أغلب المسلمين فقلَّ ذلك الإيثار والتضحية، فالإسلام محترم لدى البعض مادام لا يتعارض مع مواقعهم وأموالهم، وإلّا طرحوه جانباً.
كان المسلمون في صدر الإسلام متحدين واخوة لحكم القرآن، ثم حدثت بعض الاختلافات التي أعقبت وفاة النبي صلى الله عليه و آله استطاع أمير المؤمنين عليه السلام والمعصومون من ولده عليهم السلام إزالتها والحيلولة دون تعثر رقي المسلمين، حتى تنازلوا عن حقّهم بغية حفظ كيان الإسلام، بينما بلغ الخلاف اليوم والنفاق ذروته في الأوساط الإسلامية فراجت العقائدالفاسدة وكفرت بعض الفرق الفرق الأخرى؛ وقد اتسع اليوم حجم الاختلاف بين المسلمين وشوهت الصورة الحقيقية للإسلام ببعض الخرافات، فهل يتصف المسلمون بذلك المجدالذي حققوه سابقاً.
كان العلم بشرائط الزمان أحد العوامل المهمّة لرقي المسلمين، فكانوا يتسلحون بالعلم والمعرفة، يذكر أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله أخبر بوسيلة في اليمن اخترعت لتحطيم القلاع فأوفدفريقاً إلى اليمن للتعرف عليها. (1) كما كان المسملون يترجمون لقرون علوم الآخرين من قبيل الفلسفة والفيزياء والكيمياء والحساب والهندسة والنجوم والهيئة… ويكملونهابآرائهم فأسسوا الجامعات والمكتبات الضخمة فغدوا مشاعل تحمل العلوم.
وأصبحت المراكز الإسلامية في بغداد والشام ومصر والأندلس وايران تستقطب الدارسين من أنحاء العالم كافّة، بينما غفل أغلب المسلمين اليوم عن متغيرات الزمان
(1) سيرة ابن هشام، ج 2، بالحرب مع الطوائف.