اجوبهُ المسایل الشرعیّه-ج1-ص478
مزاعم النبي الأكرم صلى الله عليه و آله فظلّت جماعة تعيش هذا الشك حيال الاتهامات مدّة من الزمن.
فكيف يمكن في ظلّ هذه الظروف القضاء على التهم وايضاح الحقيقة. هنالك أسلوب واحد فإن انتصر هذا الرجل المصلح وعكس نتائج نشاطه ولمس الناس معطياته ذابت تلك التهم وتحولت إلى امتيازات فريدة ومعنوية عظيمة، وإلّا ظلّت هذه الاتهامات في أذهان البعض لمدّة وأثرت فيهم.
وهذا ما يمكن ذكره بالنسبة للنبي الأكرم صلى الله عليه و آله ، فقد اقتحم الميدان بسلسلة من المفاهيم والقوانين السامية لصالح الناس وضد الجهاز الحاكم، وكان يخبر عن انتصاراته في المستقبل وقد تغلّب على جميع الصعوبات بعناية اللَّه وصبره وإستقامته وشدّ أزره بأصحابه الأوفياء حتى اجتاح مراكز الشرك وفتح مكة. فأدّى ذلك النصر إلى استسلام قريش للإسلام، فقد تمكن بتحقيقه لهذا النصر من إخماد أصوات المفترين والكذابين، وعليه فلايمكن نعته بالجنون والسحر والكهانة بعد هذا النصر، ذلك لأنّ من اتصف بهذه النقائص الفكرية لا يحقق مثل هذه النهضة.
وعليه فالمراد من
« الذنب»
تلك التهم الجوفاء التي كانت مترسخة في قلوب بسطاءقريش حتى قبيل فتح مكة وقد أبطل النصر كل تلك التهم. وبالطبع كانت ستستمر تلك التهم لو لم يحرز النبي تقدماً وبقى الوضع كما كان قبل الفتح. ويؤيد هذا التفسير أمران:
1 – صريح الآية، إننا أعددنا فتح مكة لنغفر لك في ظلّ ذلك ذنوبك. فإن كان المراد من غفران الذنب ابطال تلك التهم – كما بينا – لصح واتضح الإرتباط بين
« فتح مكة»و« غفران الذنب»
؛ وإن كان المراد الذنوب الشرعية فإنّ غفرانها عن طريق التوبة لا من خلال فتح عسكري ونصر ظاهري.
2 – المفاد الواضح للآية أنّ هذا الفتح والنصر سيوجب غفران الذنوب المتقدمةوالمتأخرة، ولا تصح هذه العبارة إلّاأن يكون المراد تلك التهم والافتراءات، أي أنّ هذاالنصر الاجتماعي العظيم أدّى إلى زوال التهم السابقة وسوف لن يلجأ في المستقبل أحد إلىتوجيه التهم للنبي الأعظم صلى الله عليه و آله ، بينما ليس لغفران الذنوب المتأخرة من معنى لو كان المرادالذنوب الشرعية.