اجوبهُ المسایل الشرعیّه-ج1-ص462
ففي القصص التاريخية لابدّ من الإلتفات إلى أنّ هدف القرآن الاساسي من ذكر القصص التاريخية السابقة تنبيه الآخرين إلى قوانين الحياة المسلمة التي تحكم البشرية. فالقرآن يريد تعريف الناس بهذه القوانين ويلفت انتباههم إلى العوامل التي تقف وراء رقي المجتمعات وانحطاطها، والآثار السلبية لتمردها على دعوات الأنبياء، وبالتالي كشف نقاطضعفهم وقوتهم. ومن هنا كان لابدّ للقرآن من متابعة سيرة الأمم السالفة وعرض صورةعنها.
وعليه فإن تحدث القرآن عن «بني اسرائيل» أو «خلق آدم» فقد أشار في كل موضع إلىجانب معين، حيث أراد في كل مورد تنبيه الناس لقضية معينة لم يتطرق إليها في موضع آخر.
(L ج ج L)
وأمّا تكرار بعض الآيات كالآية
« فَبِأيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ»
في سورة الرحمن،فلابدّ من الإلتفات إلى تأثير هذا التكرار في روحية قارئ القرآن ومستمعه. فقد يركز القرآن على جانب عاطفي ونفسي في شرح موضوع معين. مثلاً في سورة الرحمن كان القرآن بصدد بيان النعم التي تلعب دوراً رئيسياً في خلق الإنسان وتشكيل المجتمع المدني وديمومته؛ كما تحدث عن النعم الكبرى التي تنتظر الإنسان في عالم الاخرة، وكرر أثناءذلك الآية المذكورة بغية إثارة العاطفة لدى الإنسان فيوقظ من خلال ذلك شعور الإنسان بضرورة الشكر ورد الجميل ويسوقه للخضوع والخشوع. وعليه فهذا التكرار ضروري على مستوى الوعظ والإرشاد والهدى، كما لا يقدح بفصاحة القرآن وبلاغته، بل يعد من محسنات الكلام، كونه يضاعف التأكيد والتأثير.
بالطبع هنالك شواهد كثيرة في الأدب العربي والفارسي على هذا التكرار يتمثل بالتركيزفي العقيدة على بيت من الشعر أو مصراع. فقد كرر عدي بن ربيعة في رثائه لأخيه كليب البيت
« على أن ليس عدلاً من كليب»
عشرين مرة.