اجوبهُ المسایل الشرعیّه-ج1-ص392
صاحب الدم الذي أراقه سيقتص منه في المحكمة، وهذا التفكير يحول دون ارتكابه للقتل.
إلّا أنّ الإسلام لم يجبر أولياء المقتول قط على ضرورة ممارسة هذا الحق القانوني، بل فوض لهم التنازل عن هذا الحق في العفو عن القاتل ؟و قبول الدية.
فقد حقق الإسلام بتشريعه لقانوني )القصاص والعفو( هدفين: حيث منح من جانب لأولياء المقتول حق القصاص والثأر فمنع بذلك تكرار الحوادث الدموية، وبالطبع لو لم يمنحهم هذا الحق لارتفع حجم الجريمة. ومن جانب آخر لم يحمل أولياء المقتول قسراًعلى القصاص وترك لهم استخدام حقّهم القانوني، بحيث لو رغبوا على ضوء بعض المصالح لتجاوزوا عن المقتول.
لو لم يشرع القصاص لغاب الأمن والاستقرار وتهددت الحياة البشرية؛ ولولم يمنح صاحب الحق الحرية في العفو والصفح، لكان التشريع الأول ناقصاً. وربّما اقتضت بعض المصالح عفو صاحب الحق وترجيحه الصفح على الثأر؛ فكان قانون العفو مكملاًلحق القصاص.
ثانياً: لابدّ من الإلتفات إلى أنّ للقصاص مورد وللعفو مورد آخر، ففي الحالة التي يساعدفيها القصاص من الجاني في إشاعة الأمن وديمومة الحياة )بحيث لو أغمض عن القصاص لكان ذلك حثاً للآخرين على ارتكاب مثل هذه الجريمة(: الأولى بأولياء المقتول ممارسةهذا الحق القانوني، أما إن ندم القاتل واقتضت المصالح الصفح عن جريمته، فالعفو هنا مقدم على القصاص، ولا يبدو تمييز هاتين الحالتين صعباً.