پایگاه تخصصی فقه هنر

اجوبهُ المسایل الشرعیّه-ج1-ص362

غير اختصاصاته. فيرجع المهندس مثلاً حين يمرض إلى زميله الطبيب، والطبيب إلى زميله المهندس إن أراد بناء دار، كما يعود الاثنان إن حدث عطل في سيارتيهما إلى الميكانيكي،كما يرجع الجميع في الأحكام الإسلامية التي يجهلونها إلى علماء الدين.

نعم بقي هنا ما يقال: ما الضير في أن يرجع الإنسان إلى العلماء في المسائل التي يحتاجها ويسألهم عن دليل كل مسألة. إلّاأنّ ذلك كمن يقول: ما المانع في أن يسأل الإنسان الطبيب حين يراجعه ويكتب له وصفة بالدواء عن دليل كل فقرة فيه و كيفية استعماله، فهل يمكن أن يقدم الأطباء للناس أدلة وصفاتهم، ولو فرض قيامهم بمثل هذا العمل، فهل يسع الشخص الذي لا يدرك علم التشريح والفسلجة وخواص الأدوية أن يفهم من الطبيب معنى هذه الاصطلاحات ويقوم بمعالجة نفسه.

فإنّ المتفوهون بهذه الكلمات لا يدرك أصلاً سعة العلوم الإسلامية؛ ولا يعلم هذا بأنّ الوقوف على جميع جزئيات القرآن وعشرات الآف من الحديث ودراسة الرجال في سلسلة سند الأحاديث وتمييز صحيحها من سقيمها وغثها من سمينها وفهم لطائف الآيات والسنة يتطلب عدّة سنوات ليبلغ الشخص درجة التخصص في هذه المسائل.

فقد يتطلب فهم بعض الأحكام الإسلامية المرتبطة مثلاً بالزواج والطلاق وحق الحضانةوتربية الأطفال وأمثال ذلك الاستغراق في عدّة آيات وعشرات الأحاديث وتأمل رجال سند الحديث من خلال كتب الرجال والرجوع إلى مختلف المصادر اللغوية بشأن بعض المفردات والوقوف على استعمالاتها في العربية. فهل يسع جميع الأفراد الوقوف على كل هذه التفاصيل في الموارد المتعلقة بالمسائل الإسلامية كافّة؟ أوَلا يعنى هذا الكلام تخلي الناس عن أعمالهم والتحول إلى طلبة للعلوم الدينية؟ ولا يعلم بالطبع ما إذا كان جميع الأفراد مستعدين لبلوغ الاجتهاد وقريحة استنباط الأحكام الشرعية، ولربّما كان لهم استعدادات أخرى.

أمّا ما يقال من أنّ الرجوع إلى مراجع الدين مدعاة للاختلاف فهذا من العجب العجاب.

أولاً: مراجع التقليد في كل عصر شخص أو شخصان غالباً، بينما لو أراد جميع الأفراد