اجوبهُ المسایل الشرعیّه-ج1-ص361
التحقيق صعباً ومعقداً، ويستطيع كل فرد التعرف على هذه الأصول على ضوء الدليل والمنطق المناسب لفهمه وإدراكه، بينما يتعذر التخصص على الأفراد والاستفادة من المصادر الدينية – القرآن والحديث والدليل والعقل والإجماع – للتوصل للأحكام في المسائل المرتبطة بالأحكام الإسلامية في باب العبادات والمعاملات والسياسات الإسلامية، والأحكام المتعلقة بالفرد والأسرة والمجتمع والصلاة والصوم والجهاد والديات والحدود والقصاص والزواج والطلاق والآف المسائل المختلفة والمرتبطة بجوانب حياةالناس.
وعليه فهم مضطرون للرجوع في هذه المسائل إلى العلماء والمراجع المعتمدين؛ العلماءالذين جدّوا لسنوات في المسائل الإسلامية ولهم معرفة تامة بالكتاب والسنة والأخباروالروايات. وعلى هذا الضوء يتضح بجلاء أنّ هذا الرجوع ليس من قبيل التبعية دون دليل،بل هذا الاتباع يستبطن الدليل العقلي والنقلي وهو أنّ نظرية الشخص العالم والمتخصص ألصق بالحقيقة ولا يجانبها قط، ولو أخطأ لكان خطأه محدوداً، بينما لا يكون رصيد أعمال الجاهل الذي يتصرف وفق رأيه ومعتقده سوى الزلل والخطأ. مثلاً، لو رجع الشخص حين مرضه إلى الطبيب وكتب له الوصفة، فربّما يخطى ء الطبيب، إلّاأنّ المفروغ منه أنّ أخطاءه طفيفة جدّاً بالنسبة للنتائج التي يحصل عليها من وصفته، طبعاً المراد الطبيب الماهروالمتخصص، ولكن لو تحفظ المريض عن الرجوع إلى الطبيب، وتناول ما يشاء من دواءحسب رغبته وفكره، فمما لا شك فيه يكون قد اقترف عملاً غاية في الخطورة، وما أكثر مايؤدّي به هذا الأمر إلى الوفاة.
النتيجة: تبعية غير العالم للعالم تنطوي دائماً على دليل إجمالي ومنطقي. ومسلّم أيضاًأنّ هذا التقليد والاتباع لا يدلّ على أي مثلبة في شخصية الإنسان، بل بالعكس دليل على شخصيته، لأننا نعلم بأنّ دائرة العلم على قدر من السعة بحيث هنالك عشرات وأحياناً مئات الفروع التخصيصة في علم معين، ولو كان للإنسان عمر نوح وعقل ابن سينا فلا يسعه قطالتخصص في واحد بالمئة من هذه العلوم. وعليه فلا مناص له من الرجوع إلى الآخرين في