پایگاه تخصصی فقه هنر

اجوبهُ المسایل الشرعیّه-ج1-ص360

الأفراد الجهال لنظرائهم الجهال من الآخرين عمل مذموم وقبيح لا ينسجم مع المنطق ولامع روح التعاليم الإسلامية؛ وليس هنالك من عاقل ذي شخصية وفكر مستعد لتقليد هذاوذاك تقليداً أعمى فيأتي بكل فعل مشين يأتي به الآخرون.

وهذا هو التقليد الذي تشبث به الوثنيون لتبرير أعمالهم وكانوا يزعمون: أنّ الوثنية دين آبائنا ولسنا مستعدين لمخالفتهم. وقد ذكر القرآن منطقهم بهذه الآية فقال:

« إِنَّا وَجَدْنَاآبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ»(1)
فهؤلاء يحتجون على أعمالهم الطائشة)السجود للحجر والخشب( بأعمال آبائهم فيقلدون تقليداً أعمى معتقداتهم الخرافية.

وهذا هو التقليد الذي يكون مصدراً لمضاعفة حجم المفاسد الاجتماعية والأدناس والانغماس في الشهوات، وهو ذات التقليد الذي أشير له في شعر المولوي. وكما قلنا فإنّ هذا هو المعنى الذي استندت إليه حملات الجهال كافّة على مسألة التقليد. إلّاأنّ للتقليد في الاصطلاح العلمي مفهوم مغاير تماماً لهذا المفهوم، ويمكن تعريفه »برجوع الأفراد غيرالمتخصصين إلى ذوى الاختصاص في القضايا الاختصاصية«؛ أي رجوع الأفراد في المسائل العلمية كافّة التي تتطلب بعض التخصصات ويتوقف إدراكها على المطالعات والدراسات التي تستغرق سنوات إلى العلماء والمفكرين الموثوقين – حين الحاجة -والاستفادة من أفكارهم. والتقليد بهذا المعنى والذي أشير له في المصادر العلمية والذي يعبر عنه أحياناً برجوع غير العالم إلى العالم هو أساس الحياة البشرية في المجالات الصناعية والزراعية والطبية كافّة وأمثال ذلك.

ولو زال هذا الموضوع من الحياة البشرية؛ لما رجع أي مريض إلى طبيب وإنسان إلىمعمار وشخص إلى حقوقي في القضايا الحقوقية، كما لا يرجع أي فرد إلى خبير وميكانيكي واختصاص في سائر المجالات، ولانهارت الحياة الاجتماعية برمتها وظهر الفساد في المستويات كافّة. والقضايا الدينية ليست بدعاً من ذلك؛ طبعاً الأفراد كافّة موظفون بالتحقيق في الاصول العقائدية – أي معرفة اللَّه والنبي والإمام والمعاد – ولا يبدو هذا


(1) سورة الزخرف، الآية 23.