پایگاه تخصصی فقه هنر

اجوبهُ المسایل الشرعیّه-ج1-ص227

جدير بالذكر، للعلوم البشرية عدّة فروع، وربّما ينبغ العالم في فروع دون أن يعلم شيئاًعن فرع آخر، وعليه لابدّ له من الرجوع في ذلك الفرع إلى المختص به. فالطبيب أوالمهندس البارع في تخصصه، ربّما يرد منطقة ويبحث عن زقاق فلا يجده فينبغي أن يسأل الآخرين ليدلّوه عليه. أو مثلاً، يمرض شخص مختص بعلم الفلك، فلابدّ له من مراجعةالطبيب، كما يجب عليه إمتثال أوامر الطبيب دون نقاش. ويتضح مما سبق علية ضرورةتبعية الناس للمجتهد، ذلك لأنّ المجتهد متخصص في عدّة علوم أساسية في الاجتهادوالفقاهة من قبيل الصرف والنحو واللغة والكلام والمنطق والتفسير والرجال والدرايةوالحديث والأصول والفقه. ولعلك ترى كتاباً صغيراً يسمى )الرسالة العملية( ولا تدري أنّ هذه الرسالة حصيلة عمر الفقيه وقد سطرها بجهود جبارة ومعاناة شاقة ووضعها تحت تصرف الأمّة. فالاجتهاد ليس قضية سهلة، بل الاجتهاد يعني المعرفة بالأحكام السماويةكافّة ذات التأثير المباشر على الحياة الفردية والاجتماعية.

الشيخ مرتضى الأنصاري رحمه الله الذي يعتبر أحد العظماء ومن مفاخر مراجع مدرسةالإسلامية يقول في كتابه )الرسائل( بشأن الاجتهاد:

« رزقنا اللَّه الاجتهاد الذي هو أشدّمن طول الجهاد».

(L ج ج L)

يذكر أنّ تقليد المجتهد يختص بالفروع لا الأصول، بعبارة أخرى، لابدّ أن يقف المكلّف بنفسه على دليل معرفة اللَّه سبحانه والنبي الأكرم صلى الله عليه و آله لأنّها من أصول الدين، ولكن بعد قبول هذه الأصول على أساس الدليل والمنطق يأتي دور الفروع وعليه أن يرجع إلىالمتخصصين بالعلوم الدينية، حيث يتعذر عليه إدراك المصادر الدينية كالقرآن والحديث وسائر المصادر.

كما أنّ تقليد المجتهدين لا يصح في المسائل الإسلامية القطعية كوجوب الصلاة والحج والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وحرمة الكذب والخيانة وشرب الخمر والقمار، ذلك لأنّها من الأمور المعلومة للجميع ولا تحتاج إلى تقليد، وعليه فالتقليد يقتصر على الأحكام الفرعية غير القطعية.