اجوبهُ المسایل الشرعیّه-ج1-ص134
طائفة أخرى. ولم يكتف المسيح بهذا، حيث قال في الآية 29 من الباب 14 )لقد أخبرتكم به قبل ظهوره لتؤمنوا به حين ظهوره(، في حين لا يحتاج الإيمان بالروح القدس إلىالوصية فضلاً عن هذا الكتاب.
ثانياً: قال: «سيبعث لكم فارقليط آخر» فإن فسّرناه بنبي آخر كان الكلام تاماً، أمّا إن قيل المراد به روح القدس، فلفظ «آخر» لا يخلو من تكلف، ذلك لأنّ روح القدس واحد ولامعنى للآخر.
ب( «سيذكركم بكل ما قلته لكم» “14 :26” وسيشهد لي )الباب 15، العبارة 26). قيل إنّ الروح القدس هبط على الحواريين بعد خمسين يوماً من صلب عيسى، فهل نسيت هذه الصفوة تعليماته كافّة خلال هذه المدّة القصيرة ليعلمهم روح القدس تلك التعاليم ثانية؟ وماحاجة حواريي المسيح لشهادته ليشهد على المسيح! أمّا إن كان المقصود به النبي الموعودفسيكون معنى العبارتين صحيحاً؛ ذلك لأنّ أمة المسيح نسيت أغلب تعاليمه بفعل تقادم الزمن والأيادي التي امتدت إلى الإنجيل، لقد جاء محمد صلى الله عليه و آله بكل تلك التعاليم وشهد بنبوّةعيسى عليه السلام وقال: كان نبيّاً مثلي وبرأ أمّه ممّا وجه إليها من التهم وبرأ عيسى من دعوى الالوهية.
ج( «لو لم أذهب فإنّ ذلك الفارقليط سوف لن يأتيكم» (15 :7) فقد اشترط مجيئ فارقليط بذهابه، فإن كان المراد روح القدس فإن نزوله عليه وعلى الحواريين لم يكن مشروطاً بذهابه؛ لأنّ المسيحيين يعتقدون بإن الروح القدس نزل على الحواريين الذين وجههم المسيح للوعظ(1) .
وعليه فإنّ نزوله لم يكن مشروطاً بذهابه قط؛ أمّا إن قيل إنّ المراد به نبي صاحب شريعة- وشريعة عالمية – فإنّ مجيئه سيكون مشروطاً بذهاب المسيح ونسخ شريعته.
(1) انجيل متى، الباب 29 ،10؛ ولوقا، الباب 17 ،10.