اجوبهُ المسایل الشرعیّه-ج1-ص109
والأن لو تمثل بعض مالكي الكنوز هذه الصورة وشاهدوا بأعينهم كيف يعاقب زملاؤهم، ولو حذروا من هذا العقاب بالنسبة لثرواتهم التي يمتلكونها وكيف ستكون عليهم وبالاً، قطعاً سيغيرون أسلوبهم وتعاملهم. وهنالك بعض الأفراد في هذا العالم على درجة من الإيمان بمضمون هذه الآية دون مشاهدة صورة العذاب الإلهي بحيث لا يقل أثراً عن شهوده، وحتى لو رفع الغطاء الدنيوي عن أعينهم لما كان هنالك من تغيير في إيمانهم. فمثل هؤلاء الأفراد يمتلكون نوعاً من العصمة إزاء هذه المعصية )كنز الذهب والفضة(.
فلو كان هنالك أفراد أو طائفة يتصفون بهذه الحالة إزاء عقاب جميع المعاصي، وقداتضح لهم عذاب اللَّه وأليم عقابه بحيث لم يعد لزوال الحجاب وإنعدام المسافات المكانيةوالزمانية أدنى تأثير على إيمانهم واعتقادهم، وعلى هذا الأساس فإنّ لهؤلاء الأفراد نوعاًمن العصمة إزاء جميع الذنوب والمعاصي، فهم ليسوا فقط لا يقارفون الذنب فحسب، بل لايفكرون فيه.
وبناءً على هذا فإنّ للعصمة في هذه الموارد أثر مباشراً للإيمان والعلم القاطع بعقاب الأعمال، ولكل فرد نوع من العصمة إزاء بعض هذه الموارد. والواقع أنّ الأنبياء يتمتعون بعصمة تامة وشاملة أثر إحاطتهم العلمية بعقاب الأعمال وعلمهم بعظمة اللَّه، وعلى ضوءهذا العلم فقد قمعت عندهم كافّة دوافع الذنب وطغيان الغريزة، فهم لا ينتهكون حدود اللَّه.
هذا هو مقام العصمة من الذنب الذي يتمتع به الأنبياء والأئمّة عليهم السلام وأصلها الإيمان والعلم والمعرفة والتسلط على النفس وعلو الهمة.
أفليست هذه العصمة فضيلة؟ وهل يستطيع هؤلاء إرتكاب الذنب؟ قطعاًيستطيعون، إلّاأنّهم لا يستغلون هذه الاستطاعة أبداً. فربّما يمكن لشخص محترم أن يسرق إبريق جاره أن تسلّق الجدار، لكنّه لا يفعل ذلك أبداً. والطبيب يسعه أن يشرب ماءً مملوءاً بالمكروبات،لكنّه لا يشربه، وهذا الفرد ليس بعاجز عن الشرب(1) .
(1) للوقوف على المزيد راجع كتاب «الزعماء العظام والمسؤوليات الأعظم».