اجوبهُ المسایل الشرعیّه-ج1-ص100
« عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى – ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى – وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى – … عِنْدَ سِدْرَةِالْمُنْتَهَى – عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى – إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى – مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَاطَغَى – لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى»(1)
فهذه الآيات تتحدث صراحة عن عروج النبي صلى الله عليه و آله إلى السماء، إلّاأنّ الإية الأولى من سورة الإسراء تتحدث عن بداية هذه المسيرةالتي حصلت على الأرض، وكان الهدف من هذه المسيرة ) كما وردت الإشارة في الطائفتين من الآيات المذكورة( إلى رؤية آيات اللَّه الكبرى في عالم الخلق.
ومن البديهي أنّ تلك المشاهدة مشاهدة حضورية ولا يمكن لموجود له جسم أن يعيش المشاهدات الحضورية إلّابحضوره عند الموجود الذي يريد مشاهدته، وما ذكرته من أنّ النبي صلى الله عليه و آله عالم بكل شي ء بدون العروج إلى السموات فإنّ هذا العلم يختلف تماماً عن المشاهدة عن قرب، وبالضبط كاطلاعنا على حادثة تقع في منطقة بينما لم نكن في موقع الحادثة فنراها بأم أعيينا، طبعاً هنالك تأثير أعمق في وجود الإنسان للحضور في الموقع ومشاهدة الحادثة، بينما ليس هنالك مثل هذا التأثير بفعل العلم الغيبي.
وبناءً على هذا فإنّ اللَّه تعالى أراد لنبيّه الأكرم صلى الله عليه و آله أن يرى عن قرب آثار عظمته ويفيض معرفة على قلبه المقدسّ، ولو تصور شخص أنّ النبي الأكرم صلى الله عليه و آله كان يستطيع أن يرى من الأرض بهذه العين المجرّدة آثار عظمة اللَّه في العوالم العليا لكان مجانباً للصواب ومخالفاًللحقيقة ؛ فقد كان للنبي من حيث الجسمية خصائص الجسمانيات وعالم المادة، وهنالك حدّ معين لقدرة الرؤية البصرية.
(1) سورة النجم، الآية 18- 5.