پایگاه تخصصی فقه هنر

اجوبهُ المسایل الشرعیّه-ج1-ص98

المراد من تلاوة الصحف المطهرة في الآية هي التلاوة حفظاً، وتلاوة الصحيفة والذي يصطلح عليه ب «تلاوة الكتاب» تستعمل بكلا المعنيين – كتابة وحفظاً – في العرف واللغة.

وبناءً على هذا فلفظ «التلاوة» ليس دليلاً على القراءة والكتابة، ومن ذلك أننا نقول لمن يقرأ حفظاً لبعض أشعار المتنبي أنّه قرأ بضع أبيات من القصيدة الفلانية، كما نقول قرأ فلان البيان الذي اصدرته المؤسسة الدينية بمناسبة كذا وكذا، والحال لم يقرأه من خلال كتابةوكان يحفظه حفظاً. والآية المذكورة على غرار سائر الآيات النازلة بشأن النبي والتي تصفه بأنّه

« يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ… »(1)
وتتضح هذه الحقيقة سيما بالإلتفات إلى سيرة النبي الذي كان ديدنه تلاوة القرآن حفظاً.

5 – ذكر الكاتب المذكور طائفة من الروايات والنصوص التاريخية تحت عنوان )النبي معلم( في أنّ النبي صلى الله عليه و آله ساند العلم والمعرفة والكتابة؛ على سبيل المثال أوجب طلب العلم وجعله فريضة على كل مسلم ومسلمة، حتى فضل طلاب العلم على المستغرقين في العبادات المندوبة، فبنى المراكز التعليمية «الصفة» التي كان يتعلم فيها المسلمون، وطلب من أسرى معركة بدر اطلاق سراحهم مقابل تعليم كل أسير منهم لعشرة من المسلمين.

ثم خلص بعد ذلك إلى هذه النتيجة: هل هناك من يعتقد أنّ ذاك الزعيم الذي يعيش كل هذا الحرص على العلم والتعليم أن يحرم نفسه من معطيات القراءة والكتابة؟!

الجواب:

كل ما نقله الكاتب المحترم من الشواهد التاريخية والمصادر الإسلاميةصحيح، لكنها لا تثبت مدّعاه )في أنّ النبي صلى الله عليه و آله كان يقرأ ويكتب قبل وبعد البعثة( ؛ ذلك أن هنالك عدّة طرق وأساليب ليست خافية على احد في مساندة الإسلام للعلم والمعرفة.

والبحث هل استغل النبي الأكرم صلى الله عليه و آله قبل وبعد البعثة تلك القدرة ليمارس القراءةوالكتابة خلافاً لما صرحت به الآية 48 من سورة العنكبوت؟ وهل كان اسلوب تعليم النبي على غرار المعلمين المعاصرين الذين يدرسون من خلال الكتاب؟ أم كان اسلوبه التعليمي على ضوء تلاوة الآيات القرآنية وتعليم الحلال والحرام وافاضة التعاليم الإسلامية واسداءالنصح والإرشاد؟ للوقوف على المزيد بشأن )أمّية( النبي صلى الله عليه و آله يمكن الرجوع إلى كتاب )بين يدي مدرسة الوحي ( الذي يخوض بالتفصيل في هذه القضية.


(1) سورة آل عمران، الآية 164.