اجوبهُ المسایل الشرعیّه-ج1-ص97
« السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً»(1)
فلم يسلم صلى الله عليه و آله من هذه التهمة رغم مجانبته للقراءة والكتابة؛ ولو افترض مطالعته للكتب وكتابتها لكانت حربة بيد خصوم الدعوةولقالوا فيه ما شاءوا! يذكر أنّ النبي صلى الله عليه و آله توقف لدقائق حين كان في الثانية عشرة من عمره مع قافلة قريش عند راهب خلال مسيرته إلى الشام وقد استغل المستشرقون ذلك فأقامواالدنيا واقعدوها ليزعموا بكل وقاحة أنّ محمداً إنّما تعلم كل هذه الحقائق من ذلك الراهب خلال تلك المدة الوجيزة.
4 – يقول: قال القرآن بشأن النبي صلى الله عليه و آله :
« رَسُولٌ مِنْ اللَّهِ يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً»(2)
فظاهرالآية يشير إلى أنّ تلاوته للقرآن من خلال القراءة لا الحفظ.
ممّا لا شك فيه أنّ حامل الوحي )جبرئيل( لم يكن يتلو القرآن قراءة، وكان يلقيه على القلب الطاهر للنبي )دون أن تكون هناك كتابة( حيث قال تعالى:
« نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ – عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ»(3)
ولابدّ أن يرى هنا تلك الكتابة التي زعم الكاتب المذكوركان النبي صلى الله عليه و آله يقرأها ماذا كانت؟ فهل سلم جبرئيل الأمين النبي كتابة؟طبعاً هذا الأمر يتعارض صراحة مع الآية المذكورة؛ ذلك لأنّ قلب النبي وروحه القدسيةكانت مركز نزول القرآن؛ فإمّا كان النبي يكتب، أو كان يملي والآخرون يكتبون وكان النبي صلى الله عليه و آله يتلو من خلال القراءة؟ قطعاً أنّ النبي كان يحفظ ما تنزل عليه من آيات.
فبإذن اللَّه لم يكن بحاجة لأن يكتب أو يملي ويكتب له آخر، وكتاب الوحي إنّما كانوايكتبون القرآن لهم وللآخرين لا للنبي صلى الله عليه و آله . ومن هنا لم يرد في التواريخ والسير أنّ النبي الأكرم صلى الله عليه و آله كان يكتب القرآن، أو يأمر بأن يكتبوا له القرآن ويقرأه. وعلى هذا الأساس فإنّ
(1) سورة الفرقان، الآية 5 و 6.
(2) سورة البينة، الآية 2.
(3) سورة الشعراء، الآية 193 و 194.