پایگاه تخصصی فقه هنر

اجوبهُ المسایل الشرعیّه-ج1-ص85

ضروريات الدين الإسلامي المقدّس، والتي يدركها حتى الفرد الأجنبي بفعل اتصاله بالمجتمعات الإسلامية، ويستحيل وجود فرد يعيش في الأوساط الإسلامية ولم تطرق سمعه قضية ختم النبوّة، وهذا بحدّ ذاته أحد الأدلة على اختتام النبوّة بنبي الإسلام صلى الله عليه و آله .

ولو أغضضنا الطرف عن ضرورية هذه المسألة وإجماع المسلمين في أنحاء العالم كافّةعليها، فهنالك بعض الآيات القرآنية التي أشارت صراحة إلى هذه المسألة ومنها الآيةالشريفة:

« مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّنْ رِّجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيماً»(1)
. وللوقوف على مفاد الآية لابدّ من توضيح للفظ «الخاتم» ؛ فالخاتم في اللغة العربية تطلق على الأشياء التي تختتم بها آخر الرسالة. فالختم في الماضي يعادل توقيع اليوم، كما يعمدون في الوقت الراهن إلى ختم الوثائق والكتب المهمّة بالإضافة إلىالتوقيع، كما نرى الختم شائعاً اليوم لدى دوائر الدولة والشخصيات الرسمية. ويدل الختم بالإضافة إلى صحة سند ما ورد في الكتاب على اختتام السند أو الوثيقة، وبالتالي فإنّ اعتبار الكتاب يتوقف على ختمه. كما كانوا في السابق يستفيدون من القير أو الطين الخاص(2) لأحكام غلق العلب التي تضم بداخلها بعض الأشياء كالعسل والخل وأنواع السوائل، ثم يختمونه ليكون دليلاً على عدم التلاعب به(3) .

وخلاصة القول فقد قيل في المصادر العربية بشأن تفسير الخاتم: ما يختم به. وإن اطلق اللفظ في العربية على الخاتم المعروف فذلك لأنّهم كانوا يختمون به في السابق، ولاسيماالسلاطين والملوك وزعماء القبائل الذين كانوا يخطون أسماءهم على خواتمهم ويختمون به. وحين عزم النبي الأكرم صلى الله عليه و آله على توسيع دعوته ومكاتبة السلاطين والملوك وإيفادالسفراء، أمر أن يعدوا له خاتماً وينقش عليه

« محمد رسول اللَّه»
وكان يختم به كل كتبه. (4)


(1) سورة الأحزاب، الآية 40.



(2) ويقال له في اللغة )ختام( وهذا هو المراد من الآية «وَخِتامُهُ مِسْك» أي أنّ ذلك الشي ء الذي تختم به أبواب سوائل الجنّة تفوح منه رائحة المسك.



(3) مقدمة ابن خلدون، ج 1، ص 220.



(4) الطبقات الكبرى، ج 1، ص 258.