اجوبهُ المسایل الشرعیّه-ج1-ص73
ونتوصل ممّا ذكرنا إلى نتيجة واحدة: كما يتطلب حدوث وظهور الشي ء علة، فإنّ ديمومته تحتاج إلى علة أيضاً – سواء كانت علة الظهور ذاتها علة الديمومة أم غيرها – ومن أنكر الحاجة إلى علة في ديمومة الحياة، فقد تنكر لقانون العلية.
(L ج ج L)
ونركز الآن على الجانب الثاني من الشبهة الذي يمثل جوهرها )لابدّ من التأمل( قد يقول البعض: نعترف أنّ كل نظام يحتاج إلى علة في بداية ظهوره وفي استمرار حياته، ولكن لايلزم أن تكون علة «الحدوث» هي ذاتها علة «البقاء» فما المانع أن يكون المبدأ الأصلي لعالم الوجود قد خلق العالم على أساس العلم والإرادة، وقد نظم سلسلة العلل والمعاليل الطبيعية والمنسجمة بحيث يمكنه مواصلة حياته بصورة تلقائية؟ كما قيل في مثال الساعةحيث يصنعها عالم من مواد قوية وتستمر في عملها بعد وفاته – وبالنتيجة فإنّ عالم الوجودبحاجة في حدوثه إلى اللَّه، لكن دوام بقائه يتوقف على سلسلة من العلل الطبيعية والحركات الجبرية.
إن ورد السؤال بهذه الصيغة، فلابدّ أن يقال في الجواب : بالنظر إلى أنّ الزمان هو البعدالرابع للأشياء، يعني أنّ كل موجود طبيعي وآثاره تجتاز كل لحظة مرحلة جديدة من الوجود، بل في كل لحظة وجود جديد غير الوجود الأول وغير الوجود اللاحق، وبعبارةأخرى فإنّ العالم مجموعة من الحوادث والصيرورات، وفي هذه الحالة تتضح حاجةالموجود الطبيعي وبقاء خواصه إلى وجود العلة في كل لحظة ؛ علة وجودها أزلي وأبدي وتابع من ذاتها، لا علة تحتاج بدورها إلى علة )لابدّ من التأمل(.
ودعني أوضح حقيقة الموضوع بمثال: لو تأملنا المصباح الكهربائي، فهذا المصباح يحتاج إلى تيار كهربائي، لكن هل يحتاج في اللحظة الأولى فقط إلى هذا التيار؟ طبعا لا،لأنّ هذا المصباح سينطفئ فوراً أنّ قطعنا عنه التيار ولو للحظة عابرة ولزالت جميع آثاره من قبيل الضوء والحرارة. ولعل المصباح يستمد طاقة كهربائية من سلك، ولكن نعلم بأنّ السلك بذاته لا يحتوي على كهربائية وهو الأخر يحتاج إلى مصدر كهربائي ؛ وعلى هذا الأساس