اجوبهُ المسایل الشرعیّه-ج1-ص62
الكمالات. وعلى هذا الأساس ينبغي أن يكون هدفه من أفعاله «إيصال المنافع للآخرين».
أنّ اللَّه وجود مطلق وغني وكامل من جميع الجهات وليس للنقص والحاجة من سبيل إلى ذاته المقدّسة، ومن جانب آخر نعلم أنّ أفعاله تستند إلى المصلحةوالحكمة وذاته منزّهة عن فعل العبث، وعلى هذا الأساس نستنتج أنّ خلقه للإنسان لم يكن هدفه رفع حاجة عن نفسه، ومن المسلم به أنّ الأمر إنّما يعود إلى نفس الإنسان ؛ والهدف إيصال هذا الإنسان إلى كماله المطلوب، دون أن يكون لهذا التكامل الذي يبلغه الإنسان أدنى انعكاس على ذاته المقدّسة.
(L ج ج L)
إنّ مطالعة مجملة في عالم الخليقة توقفنا على حقيقة لالبس فيها، وهي: أنّ العالم بأسره مهد سمو وتكامل المخلوقات وإن تكامل كل مخلوق يتمّ بسبب تكامل مخلوق أسمى.
فمثلاً تشرق الشمس وتنشر حرارتها على سطح البحار والمحيطات فتبعث بمقدار من مياه البحار إلى الأعلى بهيئة بخار فإذا ارتفع ارتطم به الهواء والرياح ليسوقه إلى المناطق الجافة، ثم يتحول البخار بفعل سلسلة من العمليات الفيزيائية إلى قطرات مطر تتساقط على الأرض فتسبغ الحياة على سطح الأرض الهامدة فتهتز لتناغم السهول والصحارى فتنثرالزهور والسنابل وتفيض بالعيون والشلالات وتلبس حلتها الخضراء لتسحر بمناظرهاالجميلة الخلابة أبصار الناظرين. ولعل مطالعة هذا الفصل من كتاب الوجود تعلم الإنسان أروع وأسمى درس في معرفة اللَّه، كما يرشده إلى سنة اللَّه الحكيمة ليرى بأم عينيه كل كائن ومخلوق من جماد ونبات وحيوان يحث الخطى نحو كماله بحيث تتجمد هذه الحركةالتكاملية كل يوم وكل عام لتتحول من صور ناقصة إلى صور متكاملة. فالشجرة العملاقة لم تكن يوماً أكثر من خلية ثم قطعت مسيرة ضخمة لتتحول إلى ذلك الشكل. وكذلك الجنين في البيضة الذي شق طريقه في ظل تدبير اللَّه وحكمته ليبلغ تلك المرحلة المتكاملة. وكان