اجوبهُ المسایل الشرعیّه-ج1-ص60
الحالة يتحول إلى إشكال حيث يعمد المرء يسأل نفسه عن سر خلق الإنسان.
لماذا يفتح الإنسان عينيه في هذا العالم وتطوى صحيفة عمره بعد سنوات – غالباً مايقضيها بالألم والحسرة والمرارة – ويغادر هذا العالم «من أين جاء ولماذا جاء؟» وماذا كان الهدف من تلك الحياة التي لم تدم سوى عدّة سنوات وما فلسفة هذه المدّة المؤقتة ! ولماذايطأ الإنسان هذا العالم ! ثم تتوقف حركته بعد استهلاكه لمقدار من الماء والغذاء فيدفن تحت التراب ويتعفن ويتحول في نهاية المطاف إلى مجموعة عظام، وكأنّه لم يرد على هذاالعالم ويعمر فيه ! حقاً تبدو المدرسة المادية عاجزة إزاء هذه التساؤلات ؛ ذلك لأنّهاحصرت عالم الوجود بالمادة والظواهر المادية دون أن تؤمن باللَّه واليوم الآخر، وعلى هذاالأساس فهي لا ترى سوى هذه الجدران الأربعة لعالم المادة وكل ما يتحرك فيه، وبالتالي لايسعها تقديم أي تفسير بهذا الشأن دون أن تخفي ذهولها ودهشتها لهول ما يحدث. إلّاأنّ هذه الأسئلة تبدو سهلة بالنسبة لأولئك الذين يعتبرون الحياة المادية منزلاً من منازل الحياةالبشرية ويؤمنون بوجود عالم آخر وراء هذا العالم الذي يعتبر مقدمة إليه وأنّ الموت ليس نهاية الحياة، بل بوابة للعالم الأخر وقنطرة للفوز بالخلود، وأن تعذر عليهم إدراك هدف خلق الإنسان من خلال ملامحه في هذا العالم فسيبحثون قطعاً عن هدف خلقهم في العالم الآخر والحياة الأبدية ويقولون بأنّ الهدف من خلق الإنسان في هذا العالم، إعداده لحياةأبدية وخالدة والتي تمثل الهدف النهائي والغاية المطلوبة.
2 – الموضوع الآخر الذي ينبغي الإلتفات اليه والذي يعد الخطوة الثانية لحل السؤال هو: أنّ كل إنسان عاقل إنّما يقوم بأي فعل بغية تحقيق هدف هو بحاجة إليه، ذلك لأنّ الإنسان كائن محتاج من رأسه حتى أخمص قدميه، وبالطبع فإنّه يقوم ببعض الأنشطةوالأعمال ليسمو ويتكامل ويلبي حاجته، فمثلاً يتناول الطعام ويشرب الماء ويلبس الثياب ويتعلم ليلبي بعض حاجاته المادية والمعنوية. حتى أفعال البر والخير التي يمارسها من قبيل مساعدته للمحتاجين وتغطيته لنفقات أولاده بغية التعليم والتربية وبنائه للمدارس والمستشفيات، كل ذلك لسد حاجة يشعر بها في باطنه، وهو يفعل ذلك إمّا للحصول على