پایگاه تخصصی فقه هنر

اجوبهُ المسایل الشرعیّه-ج1-ص54

كلمات أئمّة الدين:

ما أوردناه في الأمثلة السابقة يمثل في الواقع توضيح بعض الأحاديث التي وردت عن النبي الأكرم صلى الله عليه و آله وأهل بيته عليهم السلام بشأن مسألة القضاء والقدر. فقد ورد عن النبي الأكرم صلى الله عليه و آله :

« إنّ خمساً لا يستجاب دعاؤهم، أحدهم من جلس تحت جدار يوشك أن يقع فلايهرب منه»(1)

. ولعل سر عدم استجابة دعاء هذا الفرد واضحة، ذلك لأنّ مصير من جلس تحت جدار أعوج ولم يهرب هو الموت، لكنه استسلم باختياره لهذا المصير، والحال كان له أن يختار مصيراً آخر.

وقد فرّ أمير المؤمنين عليه السلام من جدار كان يوشك على الأنهيار، وحين أنكر البعض عليه ذلك برره بأنّه يفرّ من قضاء اللَّه إلى قدره

« إنّ أمير المؤمنين عدل من عند حائط آخرفقيل له: ياأميرالمؤمنين أتفرّ من قضاء اللَّه؟ فقال: أفر من قضاء اللَّه إلى قدر اللَّه»(2)
.

فأنا حرّ في اختيار ما شئت، فإن بقيت تحت الجدار وإنهار ومت فذلك بحكم القضاء، وإن فررت وبقيت سالماً فذلك بحكم القضاء أيضاً.

وحين سئل الإمام الرضا عليه السلام عن قضاء اللَّه بشأن الأفعال الحسنة والقبيحة لعباده،رد عليه السلام : إنّ كل عمل من اعمالهم الحسنة والقبيحة بقضاء اللَّه. ثم فسّر عليه السلام ذلك القضاء الواسع- الذي يشمل جميع أعمال البشر بما فيها الحسن والقبيح – بالنتائج التي تنعكس على الإنسان في الدنيا والأخرة فقال:

« الحكم عليهم بما يستحقونه على أفعالهم من الثواب والعقاب في الدنيا والآخرة»(3) .

فهذه الأحاديث تكشف ما أشرنا إليه من حقيقة القضاء والقدر والتي تفيد عدم انفصال القضاء والقدر عن إرادة الإنسان واختياره، بل القضاء هو تلك السنن الإلهيّة التي تحكم الوجود، والإنسان مختار في ركوب أي منها، فإنّ اختار كانت نتيجة الإختيار قضاء اللَّه،


(1) بحار الأنوار، ج 5 ، ص 105، نقلاً عن خصال الصدوق.



(2) توحيد الصدوق، ص 369.



(3) عيون أخبار الرضا، ص 78؛ وبحارالانوار، ج 5، ص 12.