اجوبهُ المسایل الشرعیّه-ج1-ص36
ذلك لأنّ العقل يحكم على أساس سلسلة من الحسابات والمشاهدات أنّ الظرف ينبغي أن يكون أكبر من المظروف ويستحيل استيعاب شي ء كبير في ظرف أصغر منه. وعليه فطلب جعل العالم في بيضة هو طلب لمحال، واتضح ممّا سبق أنّ الأمور المستحيلة خارجة تماماًمن دائرة القدرة، والقدرة إنّما تتعلق دائماً بأمر ممكن(1) .
وأمّا بشأن السؤال الثالث هل يستطيع اللَّه خلق موجود ولا يقدر على القضاء عليه، هوالآخر يصدق عليه ما سبق ومن قبيل سؤال أمر محال . فمن حيث كون مثل هذا الموجودمخلوقاً للَّه لابدّ أن يكون ممكناً، وكل ممكن عرضة للفناء ذاتاً. فإن افترضنا هذا الموجوديأبى الفناء، فلابدّ أن نفرض في هذه الحالة أنّه واجب الوجود وبالتالي سيكون الشي ء«ممكن» و«واجب» في نفس الوقت، وبعبارة أخرى لابدّ أن يكون ممكناً كونه مخلوقاً للَّه،ولكن من حيث إنّه يأبى الفناء فلابدّ أن يكون واجباً وهذا جمع بين النقيضين.
وكذلك السؤال أن يخلق اللَّه موجوداً لا يستطيع تحريكه هو سؤال جمع بين النقيضين ؛فمن حيث كونه مخلوقاً للَّه لابدّ أن يكون محدوداً ومتناهياً وبالطبع قابل للتحريك، ومن حيث تعذر تحريكه فيفترض أنّه لامتناهٍ ولا محدود، وعليه فسؤال هذا الأمر هو جمع بين النقيضين.
وخلاصة الجواب: أنّ جميع هذه الفرضيات محالة وممتنعة وطلب إيجادها يعني إفاضةالوجود على الأمور الممتنعة ذاتاً، والأمور الممتنعة خارجة عن دائرة القدرة، وليست لهاعقلياً قابلية الوجود. وعليه ليس هنالك من عجز في القدرة، بل العجز في الشي ء.
العجز في قابلية القابل لا في فاعلية الفاعل.
(1) و بعبارة أخرى فإنّ سؤال جعل العالم في بيضة هو طلب الجمع بين نقيضين، ذلك لأنّ الظرف لما كان البيضة فلابدّ أن يكون المظروف أصغر منه، ولما كان المظروف هو هذا العالم المترامي، فلابدّ أن يكون مظروفه أكبر بمليارات المرات من ظرفه، فالفرض أن يكون الشي ء صغيراً وكبيراً في آن واحد، هو فرض جمع بين النقيضين. للوقوف على المزيد بهذا الشأن راجع: كتاب معرفة اللَّه.