اجوبهُ المسایل الشرعیّه-ج1-ص22
فعلمنا شي ء، ونحن شي ء آخر، لم نكن عالمين ثم تعلمنا العلم تدريجياً، ولو كانت لدينامعلومات منذ البداية، فعلمنا أيضاً غير وجودنا، أو أنّ ذلك العلم يشكل زاوية من وجودناعلى وجه الدقّة.
وهكذا قدرتنا الكامنة في عضلاتنا وأعصابنا، إنّما تشكل زاوية أخرى من وجودنا،وهذا العلم والقدرة مختلفان ويشكلان زاويتين مختلفتين من وجودنا، فبعقولنا وأرواحناندرك ونفهم الحقائق، وبعضلاتنا القوية نرفع الأجسام الثقيلة من الأرض. فصفاتنا ليست عين ذاتنا ولا عين بعضها بعضاً. والأمر ليس كذلك بالنسبة للَّه؛ فذاته عين العلم وعين القدرةوعين الحياة والإدراك؛ أي أنّ العلم لا يشكل زاوية من ذاته ولا تشكل القدرة زاوية أخرىمنها، فجميع ذاته علم وجميعها قدرة. وعليه فقدرته أيضاً عين علمه.
ولعل تصور هذا الموضوع يصعب على الكثير، ويظنونه ضرباً من الخيال، وبالطبع ربّمالهم بعض الحق ؛ لأنّ صفاتنا ليست كذلك، حيث ألفنا الصفات التي يشكل كل منها جانباً من وجودنا وتختلف بعضها عن البعض الأخر، ومن هنا يصعب إدراك الصفات التي تمثل عين الذات، بل يبدو إدراكها مستحيلاً على بعض الأفراد. ونرى من الضرورة بمكان أن نستعين ببعض الأمثلة لتقريب الموضوع إلى الأذهان:
لو تأملنا الضوء وشعاعه، فكل شي ء يبدو واضحاً من خلاله. وعليه فالكاشفيةوالايضاح إحدى صفات الضوء، ولكن هل هذه الخاصية كامنة في زاوية من وجود الضوءأم لا؟ بل الضوء كله كاشفية وايضاح.
مثال آخر: تقول أدلة التوحيد: إننا مخلوقات اللَّه وهو خالقنا، كما صرحت الأبحاث السابقة بشأن علم اللَّه: إننا معلومون للَّه، أي أنّ اللَّه عالم بوجودنا. واستناداً لما تقدم يرد هذاالسؤال: هل مخلوقيتنا ومعلوميتنا للَّه والتي تعتبر من صفاتنا يشكل كل منها زاوية من وجودنا أم لا؟
والجواب على هذا السؤال واضح، فكل وجودنا مخلوق للَّه، كما أنّ كل وجودنا معلوم لتلك الذات المقدّسة. وعليه فصفة المخلوقية والمعلومية غطت جميع وجودنا، وبعبارة