الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص317
والقسم الثالث : أن تتكرر جنايتها بعد غرم جميع قيمتها في الجناية الأولى ، وهو مسألة الكتاب ففيه قولان :
أحدهما : وهو اختيار المزني انه يغرم في الجناية الثانية بأقل الأمرين ، وكذلك لو جنت مائة جناية بعد غرم ما تقدمها ضمن كل واحد منهن بأقل الأمرين ، لأمرين :
أحدهما : أن ما أوجب الغرم في الجناية الأولى موجود فيما بعدها ، فوجب أن يكون الغرم كالتي قبلها .
والثاني : أن الأول قد ملك ما أخذه من الأرش ، والجاني غيره ، فلم يجز أن يؤخذ بأرش جنايته .
والقول الثاني : أن السيد لا يلتزم غرم أكثر من قيمة واحد ، ويرجع الثاني على الأول ، فيشركه فيما أخذه ، ويرجع الثالث على الأول والثاني : فيشركهما ، كالشفعة إذا استحقها ثلاثة ، وحضر أحدهم فأخذها ثم قدم ثان شارك الأول فيها ، فإذا قدم الثالث شارك الأول والثاني ، وإنما لم يغرم السيد أكثر من قيمة واحدة لأمرين :
أحدهما : أنه في حكم المتلف ، ولا يلزم المتلف اكثر من قيمة ما أتلف .
والثاني : أن تسليم قيمتها كتسليم بدنها ، وهو إذا سلم بدن عبد قد جنى ثم عاد فجنى اشترك جميعهم في بدنه ، كذلك إذا سلم القيمة ثم تكررت الجناية اشترك جميعهم في القيمة ، فإن تساوت أروش جناياتهم تساووا في القيمة ، وإن تفاضلت تفاضلوا بقدرها في القيمة ، ولا يمتنع أن يرجع الثاني على الأول بأرش جنايته ، ويرجع الثالث على الأول والثاني ، وإن لم يكن واحد منهما جانيا كما لو حفر رجل بئراً في أرض لا يملكها ثم مات فسقطت فيها بهيمة ضمن قيمتها في تركته ، فلو استوعبت القيمة جميع تركته ثم سقطت فيها بهيمة ثانية رجع الثاني على الأول ، فشاركه في القيمة ، فإن سقطت فيهما بهيمة ثالثة رجع الثالث على الأول والثاني فشاركهما في القيمة ، وليس أحد منهما جانيا ، وبهذا يفسد ما استدل به المزني والله أعلم .
قال الماوردي : إذا أولد النصراني أمته النصرانية صارت أم ولد له يحرم عليه بيعها ، وحكمها حكم أمهات الأولاد فإن أسلمت ، فقد اختلف الفقهاء فيها بعد الإسلام ، فذهب الشافعي رضي الله عنه إلى أنها تكون في حكم أمهات الأولاد لا يحدث لها الإسلام عتقا ولا استسعاء .