الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص314
وعتق ولدها ، وهذان الحكمان متفق عليهما ، واختلف الفقهاء هل تصير له بالإحبال في حال الزوجية أم ولد بعد الملك أم لا ؟ على ثلاثة مذاهب :
أحدها : وهو مذهب الشافعي أنها لا تصير له أم ولد بذلك الإحبال حتى يستأنف إحبالها بعد ذلك سواء ملكها حاملا بالولد أو بعد وضعه .
والمذهب الثاني : ما قاله أبو حنيفة ، أنها قد صارت أم ولد بذلك الإحبال سواء ملكها حاملا أو بعد الوضع .
والمذهب الثالث : ما قاله مالك والمزني ، إن ملكها حاملا صارت به أم ولد وإن ملكها بعد الوضع لم تصر به أم ولد ، وقد مضى الكلام والخلاف معهما في كتاب ( النفقات ) ، وتعليل الشافعي في كونها أم ولد أن يكون علوقها منه بحر في ملكه ، وعلوقها منه في النكاح إنما هو مملوك صار حراً بعد ملكه ، فلذلك لم تصر أم ولد ، فأما إذا علقت منه بحر في غير ملك كالواطئ بشبهة ، وكالأب إذا وطئ جارية ابنه ، ففي كونها به أم ولد إذا ملكها قولان :
أحدهما : تكون به أم ولد لعلوقها منه بحر .
والثاني : لا تكون به أم ولد لعلوقها منه في غير ملك .
قال الماوردي : وصورتها : في مكاتب ملك أمة ، وأولدها ، فولده منها تبع له يعتق بعتقه ، ويرق برقه ، وليس له بيعه ، وهل تصير به أم ولد للمكاتب أم لا ؟ على قولين مضيا :
أحدهما : تصير به أم ولد ، لما ثبت لولدها من سبب الحرية من العتق بعتق أبيه ، فعلى هذا لا يجوز للمكاتب بيعها ، لما ثبت لها من حرمة الولادة منه ، ووقف أمرها معه ، فإن أدى وعتق استقر كونها له أم ولد ، وإن عجز ورق صارت مع المكاتب والولد ملكا للسيد يجوز له بيعهم .
والقول الثاني : لا تصير أم ولد للمكاتب بهذا الإيلاد ، لأن ولدها قبل عتق أبيه مملوك ، وإن منع من بيعه ، فلم تثبت له حرمة تنتشر إلى أمه ، فعلى هذا يجوز للمكاتب بيعها قبل عتقه وبعده إلا أن يستأنف إحبالها بعد العتق ، فتصير حينئذ أم ولد لا يجوز له بيعها .