الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص296
قال الماوردي : أما سفر المكاتب فقد ذكر الشافعي في هذا الكتاب جواز سفره ، ومنعه في ( الإملاء ) من السفر ، فاختلف أصحابنا فيه ، فخرجه بعضهم على قولين :
أحدهما : ليس له أن يسافر بغير إذن سيده ، لأن في السفر تغريراً بالمال ، وتأخيرا للحق .
والقول الثاني : يجوز له أن يسافر ، وليس للسيد أن يمنعه لأمرين :
أحدهما : أن المكاتب مالك لتصرف نفسه ، فلم يكن للسيد أن يحجر عليه بمنعه .
والثاني : أن للسيد عليه الدين إلى اجل ، وليس لصاحب الدين أن يمنع من عليه الدين المؤجل من السفر وذهب أكثر أصحابنا إلى أن ليس ذلك على اختلاف قولين ، وإنما هو لاختلاف حالين ، فالموضع الذي جوز له فيه السفر إذا كان قريبا لا يقصر في مثله الصلاة ، والموضع الذي منعه منه من السفر إذا كان بعيداً تقصر في مثله الصلاة .
أحدهما : وهو مذهب البصريين انه يجوز أن ينفرد بالفسخ مع الغيبة ، كما ينفرد به مع الحضور .
والوجه الثاني : وهو مذهب البغداديين انه لا يجوز أن ينفرد بالفسخ حتى يأتي الحاكم ، فيتولى الفسخ ، لأن في الفسخ حقا لغائب لا يتولاه إلا الحاكم ، فعلى هذا لا يجوز للحاكم أن يفسخ إذا سأله السيد الفسخ إلا أن يقيم البينة عنده بمال الكتابة ، وحلول النجم في غيبته ، فإذا أقام السيد البينة بذلك أحلفه بالله إنه ما قبض مال هذا النجم ، وإنه لباق عليه ، وهذه اليمين استظهار عند أكثر أصحابنا ، لأن اليمين لا تجب إلا بطلب مستحقها ، ومنهم من أوجب في فسخ الحاكم ، لأن لا يفسخ إلا بحق يزول معه الشبه ، فإذا أحلفه فسخ الكتابة في الظاهر بعد إحلافه . والله أعلم .