الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص294
قال الماوردي : قد ذكرنا أن الكتابة لازمة من جهة السيد دون المكاتب لما قدمناه من الفرق بينهما من وجهين : فإذا لم تحل أنجم الكتابة فلا مطالبة للسيد ، والسيد على كتابته ونفوذ تصرفه ، ويملك كسبه ، فإن حل النجم وأداه المكاتب خرج به من حق السيد ، فإن كان آخر نجم عتق به ، وإن كان في تضاعيف نجومه كان عتقه موقوفاً على الأخير ، وإن لم يؤد المكاتب مال النجم عند حلوله لم يخل أن يكون ذلك لعجز منه أو مع قدرة عليه ، فإن كان لعجزه عنه وإعسار به ، فالسيد بالخيار بين إنظاره وبين تعجيزه ، وتفسخ كتابته اعتباراً بأصلين :
أحدهما : فسخ البيوع بالعيوب ، لأن عجزه عيب .
والثاني : استرجاع البائع عين ماله بالفلس ، لأن عجزه فلس ، فإن أنظره كان على كتابته ، وإن عجزه فسخ واحتاج الفسخ إلى شرطين :
أحدهما : أن يقول المكاتب قد عجزت ، ويقول السيد : قد فسخت كتابتك ، ويستحب أن يشهد بالفسخ استظهاراً ، وإن لم يجب ويجوز الفسخ ، وإن لم يحضره حاكم اعتباراً ، بالفسخ بالعيب ، للإنفاق على حكمه دون الفسخ بالفلس للاختلاف فيه ، وقد روى نافع عن ابن عمر انه كاتب عبدا له على ثلاثين ألف درهم ، فقال : أنا عاجز ، فقال : امح كتابتك ، قال : بل امح أنت يعني به الفسخ ، ولم يحضره حاكم ، فإذا فسخ بطلت الكتابة سواء كان العجز عن آخر نجم أو عن أوله .