الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص285
فإن قيل : فكيف يصح عتق بعضه بالإبراء من بعض كتابته ولو أبرأه في جناية من بعض كتابته لم يعتق شيء منه ، فهلا كان كذلك فيما احتمله الثلث من إبراء بعضه ؟
قيل : الفرق بينهما أن صفة العتق في الإبراء من بعض الكتابة في حال الحياة لم يوجد ، فلذلك لم يعتق شيء منه ، وصفة العتق في إبرائه في المرض قد وجدت ، فلذلك عتق ، وإنما رد بعض العتق في حق الورثة ، فافترقا .
فإن قيل : فكيف تثبت الكتابة في بعضه مع عتق بعضه وتبعيض الكتابة والعتق لا يجتمعان فيه ؟ قيل : لا يجتمعان في ابتداء الكتابة ، ويجوز أن يجتمعا في انتهائها ، والله أعلم بالصواب .
قال الماوردي : وهذا كما قال ، إذا أوصى السيد بعتق مكاتبه أو بإبرائه من كتابته فهما سواء يعتبران في الثلث بأقل الأمرين على ما ذكرنا ، فإن خرج أقل الأمرين من الثلث عتق جميعه ، وإن عجز عنه ولم يخلف مالا سواه لم يخل ما عليه من مال الكتابة من أن يكون حالا أو مؤجلا ، فإن كان قد حل عتق ثلثه في الحال ، وقيل له : إن أديت ثلثي كتابتك عتق جميعك بالوصية والأداء ، وإن عجزت استرق الورثة ثلثيك ، فصار ثلثك حراً ، وثلثاك مرقوقا .
وإن كان مال الكتابة مؤجلا ، فقد اختلف أصحابنا هل يتعجل عتق ثلثه أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : لا يتعجل عتق شيء منه ، لأنه لا يجوز أن يمضي بالوصية ما لا يحصل للورثة مثلاه ، وفي تعجيل العتق ووقوف الثلثين على الأداء منع للورثة من التصرف في مثلي ما خرج بالوصية ، فوجب أن يكون موقوفا ، فكلما أدى من مال كتابته شيئا إلى الورثة عتق منه مثل نصفه ، ليصير إلى الورثة مثلا ما خرج بالوصية .
والوجه الثاني : وهو ظاهر مذهب الشافعي ، وقول جمهور أصحابه أنه يتعجل ثلثه في الحال ، ويكون ثلثاه موقوفا على الأداء ، فإن وفاه عتق ، وصار جميعه حرا ، وإن عجز عنه رق ثلثاه ، وكان ثلثه حراً ، واختلف من قال بهذا الوجه في العلة في