الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص282
قال الماوردي : وهذا كما قال إذا كانت الجناية على المكاتب عبدا من عبد أو مكاتب فهو فيها مخير بين القود أو الدية ، لانقطاع يد السيد عن ماله وبدنه ، فإن أراد المكاتب القود لم يكن للسيد أن يجبره على المال وإن أراد المال لم يكن للسيد أن يجبره على القود ، ويملك ما حصل له من أرش الجناية يستعين به في كتابته ، لأنه في معنى كسبه .
قال الماوردي : أما إذا طالب بالدية ، ففيه عفو عن القود ، ولو طالب بالقود لم يكن فيه عفو عن الدية لأن الدية بدل عن قود ، فكان العدول إلى البدل عفوا عن المبدل ولم يكن العدول أرش العيب في المبيع يكون العدول إليه عفوا عن الرد ، ولا تكون المطالبة بالرد عفوا عن الارش ، فأما العفو عن القود ، فله فيه ثلاثة أحوال :
أحدها : أن يعفو عنه إلى الدية مصرحاً بطلبها ، فله ذلك ويستحق الدية ، ويسقط القود .
والحال الثانية : أن يعفو عن القود ، ويصرح بالعفو عن الدية ، فيصح عفوه عن القود ، وفي عفوه عن الدية قولان :
أحدهما : تصح إذا قيل : إن جناية العمد توجب القود وحده ، وأن الدية لا تجب إلا باختيار المجني عليه لأن الدية لا تجب إلا باختياره ، والمكاتب لا يجبر على اختيار التملك ، فيصح عفوه عن الدية كما صح عفوه عن القود .
والقول الثاني : أن عفوه عن الدية لا يصح ، وإن صح عفوه عن القود إذا قيل : إن جناية العمد توجب أحد الأمرين من القود أو الدية لأن في عفوه عنها إسقاطا لما ملكه