پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص269

ما بيده عنها نظر في طالب الحجر ، فإن طلبه السيد لم يكن للحاكم أن يحجر عليه في حق السيد ، لأن ما يستحقه من مال الكتابة غير مستقر في الذمة ، وإن طلب أرباب الدين الحجر عليه جاز أن يحجر الحاكم عليه حجر المفلس حفظا لحقوقهم ، وإن طلب مستحق الجناية الحجر عليه نظر في أرش الجناية ، فإن كانت أكثر من قيمته أجيب إلى الحجر عليه ، لأنه لا يصل إلى الزيادة عليها إلا فيما في يده ، . وإن كان الأرش بقدر قيمته احتمل وجهين :

أحدهما : يجاب إلى الحجر عليه ، لأن الكتابة قد علقت أرش الجناية بما في يده فصارت كالديون .

والوجه الثاني : لا يجاب إلى الحجر عليه لثبوت الأرش في رقبته ، وأنه يرجع عند إعساره إلى أخذ الأرش منها .

فصل

فإذا حجر الحاكم عليه ، فقد قال الشافعي : ( أدى إلى سيده وإلى الناس ديونهم شرعا ) فظاهر هذا انهم يكونون فيه أسوة ، فاختلف أصحابنا فيه على وجهين :

أحدهما : وهو الظاهر من قول أبي إسحاق المروزي أن الجماعة أسوة في ماله بقدر حقوقهم ، فيشترك فيه أرباب الديون ، وأصحاب الجنايات والسيد ، لأن كلا منهم مطالب بحق .

والوجه الثاني : أنهم إنما يكونون أسوة مع اتساع المال وفي كلام الشافعي دليل عليه . فأما مع ضيق المال فيقدم أرباب الديون ، لأنهم بما في يده أخص ، فإن فضل عن ديونهم فضل كان مستحق الجناية أحق بها من السيد لاستقرار حقه ، فإن فضل عن أرش الجناية فضل صارت حينئذ إلى السيد .

فصل

فإذا فرق ماله فيهم على ما وصفنا وبقيت لهم حقوق وجميعها حالة فليس يلزمهم إنظاره بها إلا باختيارهم فإن انفقوا على إنظاره بها إلى أجل مسمى ، فقد اختلف الفقهاء هل يلزمهم هذا الإنظار إلى الأجل الذي سموه ؟ فمذهب الشافعي أنه لا يلزم ، ولهم أن يرجعوا في المطالبة متى شاؤوا كالهبة إذا لم تقبض .

وقال مالك : يلزمهم الإنظار ، وليس لهم المطالبة قبل الأجل بناء على أصله في لزوم الهبة قبل القبض .

وقال أبو حنيفة : ما صح دخول الأجل فيه كالأثمان ومال الكتابة لزم الإنظار به إلى الأجل ، وما لم يصح دخول الأجل فيه كالقرض وأرش الجناية لم يلزم الإنظار به ، وقد مضى الكلام معهما .