پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص268

يده ، وبيده مال هو على تصرفه فيه ، فله فيما حل منه أن يبدأ بقضاء أي الحقوق شاء ، فإن أرش الجناية لا يثبت إلا حالا ، ومال الكتابة لا يثبت إلا مؤجلا ، والدين قد يثبت حالاً ومؤجلا ، فإن حلت الكتابة كان الدين حالا ، واجتمعا مع أرش الجناية ، فصار الجميع من الأموال الحالة عليه ، فله في ارش الجناية أن يفدي نفسه بها ، وإن كانت أضعاف قيمته ما كان باقيا على كتابته لما فيها من استصلاح نفسه ، وحفظ كتابته ، وإن لم يكن له افتداء عبده إلا بقدر قيمته ، لأن بيع عبده في الجناية لا يؤثر في كتابته ، فلذلك ما افترقا ، وإذا كان كذلك ، واجتمعت عليه هذه الحقوق الثلاثة : مال الكتابة وديون المعاملة وأروش الجناية ، وبيده مال وجميع الحقوق حالة فله أن يقدم قضاء ما شاء منها إذا كان ما بيده متسعا لجميعها ، وليس يتصور مع اتساع المال أن يعجز عن بعضها ، فإن ضاق المال عن جميعها فله ما لم يحجر الحاكم عليه بالفلس أن يبدأ بقضاء أي الثلاثة شاء ، فإن قدم الدين فلا اعتراض فيه لسيده ، ولا لمستحق جنايته ، وإن قدم أرش الجناية فلا اعتراض فيه لسيده ولا لمستحق الدين ، وإن قدم مال الكتابة فلا اعتراض فيه لصاحب الجناية ، ولا لصاحب الدين ، سواء عتق بالأداء أو لم يعتق ، لجواز تصرفه وصحة أدائه .

مسألة

قال الشافعي رضي الله عنه : ( إلا أنه ليس للمكاتب أن يعجل الدين قبل محله بغير إذن سيده ) .

قال الماوردي : وهذا صحيح ، لأن تعجيل الدين المؤجل كالهبة ، لأن الثمن في بيع النقد أقل وفي بيع النساء أكثر . إذا كان كذلك فليس يتصور دخول الأجل في أرش الجناية ، وإمما يتصور في دين المعاملة ومال الكتابة ، فإن عجل المكاتب دين المعاملة لم يجز أن لم يأذن به السيد ، وفي جوازه بإذنه قولان ، وإن عجل مال الكتابة كان على قولين كالهبة لسيده .

مسألة

قال الشافعي رضي الله عنه : ( فإن وقف الحاكم ماله أدى إلى سيده وإلى الناس ديونهم شرعا فإن لم يكن عنده ما يؤدي هذا كله عجزه في مال الأجنبي إلا أن ينظروه ومتى شاء من أنظره عجزه ثم خير الحاكم سيده بين أن يفديه بالاقل من أرش الجناية أو يباع فيها فيعطى أهل الجناية حقوقهم دون من داينه ببيع أو غيره لأن ذلك في ذمته ومتى عتق اتبع به ) .

قال الماوردي : اعلم أن الحاكم ليس له أن يحجر على المكاتب ما لم يسأله أصحاب الحقوق الحجر عليه ، فإن سألوه الحجر عليه لم تخل الحقوق أن تكون حالة ، أو مؤجلة ، فإن كانت الحقوق مؤجلة لم يجز أن يحجر عليه بها لأنها غير مستحقة في الوقت ، وإن كانت حالة لم يخل ما بيده من المال من أن يكون متسعا لقضاء جميعها ، أو يضيق عنها ، فإن اتسع لجميعها لم يجز أن يحجر عليه ، وأخذه بقضائها ، وإن ضاق