الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص266
قال الماوردي : وهذا صحيح ، ولجناية المكاتب على سيده حالتان :
إحداهما : أن تكون على طرف ، فالحق فيها مختص بالسيد ، فيراعى حالها ، فإن كانت خطأ أوجب المال ، وإن كانت عمداً ، فللسيد أن يقتص بها من مكاتبه لئلا يعود إلى مثلها عليه أو على غيره ، فإن اقتص منه بطرفه كانت الكتابة بعد القصاص بحالها قبله ، فإن عفا السيد عن القصاص إلى المال استحق أرش الجناية في كسب مكاتبه ، لا في رقبته ، لأن مالك الرقبة قبل جنايته بخلاف الأجنبي ، ويصير العمد فيها بعد العفو عن القصاص كالخطأ في وجوب الأرش ، فيؤخذ المكاتب بدفع الأرش معجلا ، وبمال الكتابة مؤجلا ، فإن اتسع كسبه لهما عتق بأدائها ، وإن ضاق عنهما أو عن أحدهما عجزه السيد به ليعيده عبدا ، سواء عجز عن مال الكتابة أو عن أرش الجناية ، ليحفظ بالتعجيز كل واحد من الحقين ، فإذا عاد بالتعجيز عبدا بطل ما عليه من مال الكتابة وأرش الجناية ، لأن السيد لا يثبت له في ذمة عبده ولا في رقبته مال ، بخلاف الأجنبي الذي يجوز أن يثبت له في ذمته مال عن معاملة ، وفي رقبته أرش جنايته .
والحال الثانية : أن تكون الجناية على نفس السيد ، فيكون الوارث مستحقها ، فإن كانت خطأ أوجبت الدية في كسب المكاتب ، وصار الوارث مستحقا لها ولمال الكتابة ، وإن كانت عمداً ، فله أن يقتص من نفسه ، فإذا اقتص فلا كتابة ، وإن عفا إلى الدية كانت كالجناية على الطرف في بقاء الكتابة ، وكالخطأ في وجوب الدية ، وصار الوارث مستحقا لها في كسب المكاتب دون رقبته يستحقها مع مال كتابته يعتق بأدائها ، ويسترق بالعجز عن أحدهما ، والله أعلم بالصواب .