الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص263
هذا يلغى زمان الغلبة في السبي ، ولا يعتد به في نجوم الكتابة ، ويستأنف الأجل بعد القدرة عليه على ما تقدم قبل السبي له ، فإذا حلت نجومه طولب بكتابته ، فإن أداها وإلا أعاده السيد بالتعجيز عبدا .
والقول الثاني : أن زمان القهر والغلبة محسوب عليه في نجومه ، وأجل كتابته ، لأنه لا صنع للعبد فيها فجرى مجرى عجزه عن الكسب في زمان القهر في احتسابه عليه مجرى عجزه عن الكسب بالمرض ووجوب احتسابه عليه ، فعلى هذا إن حلت نجومه ، وهو مقهور بالسبي كان للسيد تعجيزه وإعادته عبداً ، وهل يجوز أن ينفرد بتعجيزه وفسخ كتابته أم لا ، على وجهين :
أحدهما : يجوز له تعجيزه وفسخ كتابته من غير حاكم يفسخها ، كما لو كان المكاتب حاضراً .
والوجه الثاني : ليس له فسخها مع غيبته إلا بحكم حاكم ينوب عن المكاتب في غيبته ، لئلا يصير منفرداً بها ، وليكون الحاكم كاشفاً عن حال المكاتب ، لجواز أن يكون له مال يؤدي منه فإذا فسخت الكتابة عليه وصار عبدا في الحكم ثم عاد وبان انه كان ذا مال لم يقدر على إيصاله إلى سيده بطل الحكم بتعجيزه واسترقاقه ، وحكم بعتقه بعد أدائه .
قال الماوردي : إذا كاتب الحربي عبده في دار الحرب ثم خرج المكاتب منها إلى دار الإسلام مسلماً أو بأمان ، فله حالتان :
إحداهما : أن يفعل ذلك غير متغلب على نفسه ، فيكون على حمله كتابته يؤديها إلى سيده ، وإن كان حربيا .
والحال الثانية : أن يتغلب على نفسه ، فيصير بالغلبة حرا قد زال عنه ملك سيده لنفوذ أحكام الغلبة عليه في دار الحرب كما لو غلب سيده فاسترقه صار عبدا له ، فكذلك لو عتق المكاتب في دار الحرب بالأداء ، فغلبه السيد على نفسه ، وأعاده إلى رقه صار عبداً ، لأن دار الحرب تبيح ما فيها ، والله أعلم بالصواب .