الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص247
قال الماوردي : وهذا صحيح ، إذا أوصي للمكاتب بابنه أو أبيه أو وهبا له جاز له قبول الوصية والهبة ، إذا كان والده أو ولده مكتسبا ، سواء أذن له السيد في القبول أو لم يأذن لأنه ما أتلف بالقبول مالا ، ولا استفاد به كسبا ، فإذا ملكهم بالقبول لم يعتقوا ،
وكانوا تبعا له في العتق والرق ، وينفق عليهم من أكسابهم ويملك ما فضل من نفقتهم ، فإن مرضوا أو تعرضوا للكسب فلم يكتسبوا أنفق عليهم من ماله .
فإن قيل : فالمكاتب لا يلزمه نفقة الأقارب ، قيل : ليس يلزمه نفقتهم بالنسب ، وإنما تلزمه نفقاتهم بالملك ، فأما إن كان من وصي به فمنهم غير مكتسب مثل أن يكون أبوه زمنا ، وولده طفلا ، ففي جواز قبولهم بغير إذن سيده وجهان :
أحدهما : وهو قول أبي إسحاق المروزي لا يجوز أن يقبلهم ، لأن استهلاك ماله في نفقاتهم كاستهلاكه في أثمانهم .
والوجه الثاني : يجوز أن يقبلهم لجواز أن تحدث لهم أكساب بغير عمل ، وربما صحوا فصح منهم العمل ، وهذا الوجه ضعيف ، لأن الاعتبار بالظاهر من أحوالهم وقت القبول ، ولا اعتبار بما يدخل تحت الجواز مما قد يكون ولا يكون .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، لأن ما يفديهم به إذا جنوا كالثمن المصروف في ابتياعهم ، وهو ممنوع من ابتياعهم ، فكذلك يمنع من افتدائهم ، ويباعوا في جناياتهم ، ويجوز أن يتولاه المكاتب وجها واحداً ، لأنه ليس بيعهم في حق نفسه ، وإنما يبيعهم في حق غيره ، فصار في بيعهم كالوكيل فإن كانت جناياتهم تستوعب أثمانهم بيع جميعهم ، وإن كانت اقل بيع منهم بقدر جناياتهم وكان الباقي منهم على ملك المكاتب يعتق بعتق ولا يقوم عليه بعد العتق باقي الرق .