الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص245
يعقد عليه بيع لازم لتنافيها ، ولأن مالك يقول : إن وصل المشتري إلى نجوم الكتابة عتق ، وكان ولاؤه للبائع ، وإن عجز عن الكتابة ملك رقبة المكاتب وهذا يوجب فساد ابتياعه من خمسة أوجه :
أحدها : أن درك ما فات قبضه مستحق على البائع ، وقد عدل به إلى جهة المكاتب ،
والثاني : أن الدرك استرجاع الثمن ، وقد عدل به إلى رقبة المكاتب .
والثالث : انه جعل ولاءه لغير معتقه .
والرابع : انه عدل بعتقه عن الصفة المعقودة في قول البائع : إذا أديت إلي آخرها فأنت حر ، إلى صفة غير معقودة في أنه إذا أدى إلى المشتري صار حراً .
والخامس : انه جعله عقدا على مجهول ، لتردده بين ملك المال أو السرقة ، فأما بيع بريرة فإنما عقد على رقبتها بعد العجز ، لأنها أتت عائشة رضي الله عنها تستعين بها في مال كتابتها ، والبيع ليس بمعقود على ملك كما ذكره .
قال الماوردي : إذا صح بما قدمنا أن بيع نجوم المكاتب باطل ، فقبض المشتري منه مال نجومه ، فقد قال الشافعي هاهنا : إن أداها بأمر سيده عتق ، وحكى الربيع عن الشافعي في كتاب الأم انه لا يعتق ، فاختلف أصحابنا : فكان أبو العباس بن سريج يخرج اختلاف هذين الجوابين على قولين :
أحدهما : انه يعتق بأدائه إلى المشتري سواء كان أداؤه بأمره أو بغير امره ، لأنه قد أقامه بالعقد مقام نفسه ، فصار بمثابة وكيله في قبضه ، وهو يعتق بأدائه إلى الوكيل ، فوجب أن يعتق بأدائه إلى المشتري .
والثاني : أنه لا يعتق بأدائه إلى المشتري وإن عتق بأدائه إلى الوكيل ، لأن المشتري قبضه لنفسه ، فكان الأداء إلى غير مستحقه ، فلم يتعين به ، والوكيل قبضه لموكله ، فصار إلى مستحقه ، فعتق به .
وقال أبو إسحاق المروزي وأبو علي بن أبي هريرة : ليس اختلاف الجواب على اختلاف قولين وإنما هو على اختلاف حالين وذلك أن يراعى حال الأداء ، فإن كان بأمر السيد عتق به ، لأن للسيد أن يستوفيه كيف شاء ، ويملكه من شاء من مستحق له ، وغير مستحق له وإن كان الأداء بغير أمر السيد لم يعتق به المكاتب ما لم يخبر حاله ، لأنه