پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص232

الشافعي في كتاب ( الأم ) وقد رواه أنس بن سيرين عن أبيه قال : كاتبني أنس بن مالك فاشتريت وبعت حتى ربحت مالا ، فجئت أنسا بكتابتي كلها ، فأبى أن يقبلها إلا نجوماً ، فأتيت عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – فذكرت ذلك له فقال : أراد أنس الميراث ، ثم كتب إليه فقبلها .

وروى سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه أن امرأة اشترته من سوق ذي المجاز ، وقدمت مكة فكاتبته على أربعين ألفا ، فأدى عامة المال ، ثم أتى بباقيه فقالت لا والله حتى تأتي سنة بعد سنة ، وشهر بعد شهر ، فخرج بالمال إلى عمر ، وأخبره بذلك فقال له : ضعه في بيت المال وراسلها بأخذ المال وعتق أبي سعيد ، فإن اخترت أخذه شهراً بشهر أو سنة بسنة ، فافعلي ، فأرسلت وأخذت المال .

ولأن الأجل حق لمن عليه الدين لا على من له الدين ، ولذلك إذا باعه بدين زاد في الثمن ، وإذا باعه نقداً نقص منه ، فإذا عجل المؤجل فقد أسقط حقه ، وزاد خيرا .

فصل

فأما إذا كان وقت التعجيل مفتتنا مخوفا روعي وقت الكتابة ، فإن كان ساكنا آمنا ثم حدث بعده خوف فعجل فيه الكتابة لم يلزم السيد قبولها ، لما فيه من الحظر على ما تعجل ، حتى إذا حل لزمه القبول في الأمن والخوف ، وإن كان وقت الكتابة مفتتناً مخوفا مثل وقت التعجيل نظر ، فإن صار ذلك معهوداً لا يرجى زواله لزمه قبول التعجيل وإن كان قادراً يرجى زواله ففي لزوم قبوله للتعجيل وجهان :

أحدهما : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة ، والظاهر من مذهب الشافعي ، عليه قبوله لتماثل الزمانين .

والوجه الثاني : حكاه أبو حامد الإسفراييني ، لا يلزمه قبوله ، لأن زوال الخوف قد كان مأمولاً عند المحل فلم يلزمه تعجل الضرر .

فصل

ولو دفع إليه مال الكتابة في بلد آخر إما تعجيلا أو في محله ، فإن كان لنقله مؤونة أو في طريقه خطر لم يلزمه قبوله ، إلا في بلده ، وإن لم يكن لنقله مؤونة ولا كان في طريقه خطر روعي حال السيد ، فإن لم يكن في ذلك البلد لم يلزمه قبول المال فيه ، وإن كان في ذلك البلد روعيت مسافة البلدين ، فإن كان بينهما قريبا لا يقصر في مثله الصلاة لزمه قبوله ، وإن كان بعيداً يقصر في مثله الصلاة ففي لزوم قبوله فيه وجهان :

أحدهما : لا يلزمه لما عليه من الضرر في إبعاد ماله عن بلده .