الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص231
قال الماوردي : وهذا كما قال تعجيل مال الكتابة قبل نجومه كتعجيل السلم قبل حلوله ، وقد ذكرناه وجملته أنه لا يخلو مال الكتابة إذا عجله المكاتب قبل محله من أن يقبله السيد أو يمتنع منه ، فإن قبله عتق به المكاتب ، فإن قيل : فشرط العتق أداء المال عند محله ، فهلا امتنع وقوع العتق بدفعه قبل محله كما لو قال لعبده : إن دفعت إلي ألفا في شهر رمضان فأنت حر ، فدفعها في شعبان لم يعتق ؟
قيل : الفرق بينهما : أن في الكتابة معاوضة يغلب حكمها على العتق بالصفة ، ولذلك عتق بالإبراء فكان أولى أن يعتق بالتقدم ، وليس كالعتق بالصفة المجردة التي يغلب فيها حكم الصفة دون العوض ، ألا تراه لو أبرأه فيها من المال لم يعتق ، وكذلك إذا قدمه قبل وقته ، وإن امتنع السيد من قبوله قبل محله فلا يخلو تأخير قبضه من أن يكون فيه غرضصحيح لقاصد أو لا يكون ، فإن كان في تأخير قبضه غرض معهود يصح لقاصد ، فقد يكون ذلك من أحد ثلاثة أوجه :
أحدها : أن يكون طعاما رطباً إن ترك إلى أجله فسد .
والثاني : أن يكون حيوانا يحتاج إلى مؤونة أو يخاف عليه من موت .
والثالث : أن يكون من الأموال الباقية التي يحتاج لإحرازها إلى محلها مؤونة ، فلا يلزمه في هذه الأحوال الثلاثة أن يقبل ذلك قبل محله ، لما يلحقه من الضرر في تعجله ، وإن لم يكن له في تأخير قبضه غرض صحيح ، فهو أن يكون المال مأمون التلف معدوم المؤونة كالفضة والذهب ، فعليه قبوله إذا كان الردى مأموناً ، لما رواه