الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص208
على المكاتب بما في يده ، فيأخذه إن كان مثل ما تعجل شريكه ليساويه فيما أخذ ، فإن كان أكثر من التعجيل كانت الزيادة بين الآذن بحق رقه ، وبين المكاتب بحق عتقه .
والقول الثاني : أن السراية موقوفة على ما يكون من أداء المكاتب ، لأن للآذن فيه عقد قد تقدم ، يستحق به مالا وولاء فلم يجز أن يفوت عليه ، فعلى هذا للمكاتب ثلاثة أحوال :
أحدها : أن يؤدي .
والثاني : أن يعجز .
والثالث : أن يموت قبلهما .
فإن أدى عتق باقيه بالأداء ، وصار جميعه حراً ، وولاؤه بين الشريكين ، وما فضل في يده بعد أدائه ملك له ، لا حق فيه لواحد من الشريكين ، وإن عجز وقع الفسخ بالعجز ولم يقف على تعجيز الشريك الآذن لما تعلق بعتقه من حق الشريك المتعجل ، ويستقر الفسخ بالتقويم ، ويقع العتق بأداء القيمة ، ويكون ما بيد المكاتب على ما قدمناه يأخذ منه الآذن مثل ما أخذه المتعجل ، ويكون الباقي بينه وبين المكاتب ، وإن مات المكاتب قبل الأداء والعجز مات عبدا ، وكان نصف ما بيده للشريك الآذن بحق رقه ، وفي النصف الباقي قولان :
أحدهما : يكون للشريك الآذن أيضا ، وهو قوله في القديم أن من لم تكمل حريته لم يورث .
والقول الثاني : وهو قوله في الجديد ، انه يورث بقدر حريته ، فعلى هذا إن كان له وارث مناسب كان المال له ، وإن لم يكن له مناسب كان للمعتق ميراثاً .
وقال أبو سعيد الإصطخري : ينتقل ماله إلى بيت المال ، ولا يكون لوارثه بحريته ، ولا لمالك رقه .
واما المزني ، فإنه اختار من القولين في التعجيل ما حكيناه عنه من إبطاله ، واحتج له بما يفيد توجيه القول الثاني . والله أعلم .